للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكبروا مع حصاة وانصرفوا بعد ذلك بدون وقوف للدعاء، فإن النبي صلى الله عليه وسلم وقف بعد رمي الجمرة الأولى والوسطى ولم يقف بعد رمي جمرة العقبة.

ولا ترموا قبل زوال الشمس في الأيام التي بعد العيد لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يرمي فيها إلا بعد الزوال ولكم الرمي إلى الغروب. وإذا كان الزحام شديدًا جاز لكم أن تؤخروا الرمي إلى الليل لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقَّت أول الرمي دون آخره وأذن للضعفة أن يدفعوا من مزدلفة قبل الفجر خوفًا عليهم من الزحام. وارموا بأنفسكم ولا توكلوا أحدًا يرمي عنكم لأن الرمي عبادة واجبة على الذكور والإناث، فيجب على المرء أن يؤديها بنفسه إلا عند الضرورة مثل أن يكون مريضًا أو كبيرًا أو امرأة حاملًا تخاف على نفسها أو حملها من الزحام فيجوز التوكيل حينئذ فيرمي الوكيل الجمرة الأولى عن نفسه ثم يرميها عن موكله ثم يرمي الثانية عن نفسه ثم عن موكله ثم يرمي الثالثة عن نفسه ثم عن موكله.

فإذا رميتم الجمار في اليوم الثاني عشر فقد تم الحج، فمن شاء تعجل فخرج من منى قبل غروب الشمس ومن شاء تأخر فبات بمنى ليلة الثالث عشر ورمى الجمار من الغد بعد الزوال وهذا أفضل لأنه فعل النبي صلى الله عليه وسلم، ولأنه أكثر عملًا حيث يحصل المبيت والرمي في الثالث عشر.

وطوفوا للوداع إذا أردتم ثم السفر إلى بلدكم بعد تمام أفعال الحج كلها؛ لأن طواف الوداع ليس بعده شيء من أفعال الحج، ولقد سمعت أن بعض الناس ينزل فيطوف للوداع ثم يخرج إلى منى فيرمي الجمرات ثم يستمر في سفره وهذا خطأ مخالف لأمر النبي صلى الله عليه وسلم وفعله، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يكون آخر عهد الناس بالبيت. ومن رمى بعد الوداع فقد جعل آخر عهده بالجمار لا بالبيت، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم طاف بعد أن أتم جميع أفعال النسك. والوداع واجب على كل خارج من مكة من حاج أو معتمر إلا الحائض والنفساء فليس عليهما وداع.

وإذا رجعتم إلى بلادكم فاشكروا نعمة ربكم وأنيبوا إليه والزموا طاعته ولا تعيدوا سيئاتكم لصفحاتكم بعد أن محيت بالحج أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} [البقرة: ١٩٧]

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. . إلخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>