للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليجدن من حلاوة الإيمان ولذة المتابعة ما يفوق ارتياحه لحلقها إن كان فيها راحة بأضعاف مضاعفة فإن حلاوة الإيمان لا يعادلها شيء.

أيها المؤمنون لنتمثل أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولنتبع هديه ولتغلب جانب الهدى على جانب الهوى {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} [الأحزاب: ٣٦] وفروا اللحى ولا تحلقوها وحفوا الشوارب بقصها ولا تبقوها وإياكم والإصرار على مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فتكونوا من الفاسقين فإن الإصرار على المعصية نقص في الدين وضرر على القلب وربما يستهين المرء بالمعصية فتجره إلى معصية أخرى ثم الثانية إلى معصية ثالثة وهكذا حتى تتراكم عليه المعاصي فيهلك ولذلك حذر الله عباده مخالفة أمر رسوله فقال: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: ٦٣] فحذرهم الله بأحد أمرين الفتنة في الدين وهي الضلال والزيغ أو العذاب الأليم. كيف تطيب نفس المؤمن بالإصرار على معصية الله ورسوله يعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بشيء ثم يخالفه ويستمر في هذه المخالفة بتعليلات غير صحيحة إما تأويلات فاسدة وإما استهانة بهذه المعصية وتحقير لها ولقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم أمته من مُحقِّرات الذنوب وأخبر أن مثلها كمثل قوم نزلوا أرضًا فاحتطبوا فجاء كل واحد بعود فاجتمع من ذلك حطب كثير وأججوا به نارًا كبيرةً وقال «إن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه» لأنه يقول هذا هين وهذا هين حتى تتراكم عليه الذنوب فتهلكه أيها المسلمون لقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتغيير الشيب وأمر بتجنب السواد فثبت في صحيح مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «غيروا هذا الشيب» وجنبوه السواد فلا تصبغوا بالسواد شيب الرأس ولا شيب اللحية ولا الرجال ولا النساء ولكن غيروه بالحناء والكتم وبلون غير السواد الخالص ولا تنتفوا الشيب فإنه نور المسلم ما من مسلم يشيب شيبة في الإسلام إلا كتب الله له بها حسنةً ورفعه بها درجةً وحط عنه بها خطيئةً.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} [الأعراف: ٣] وفقني الله وإياكم لإخلاص النية وإصلاح العمل ورزقنا إيمانًا نقوى به على مخالفة الهوى واتباع الهدى إنه جواد كريم.

<<  <  ج: ص:  >  >>