للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيها المسلمون إن بعض الأولياء يتحكمون في بناتهم ومن تحت ولايتهم فيمنعونهن من الخُطَّاب الأكفاء مع رضا المرأة بالخاطب وهذا حرام عليهم لاعتدائهم على حقها إلا أن ترضى بشخص لا يرضى دينه مثل أن تطلب نكاح من يشرب الخمر أو يمارس من المعاصي ما يخل بالدين والشرف فله منعها من نكاحه ولو بقيت بلا زوج طول حياتها ولا إثم عليه في ذلك.

واعلموا أنه كما لا يجوز لكم منع النساء من النكاح فلا يجوز أن تُكْرِهوا النساء على نكاح من لا يردن نكاحه فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهاكم عن ذلك ولا فرق بين الأب وغيره وبين البكر وغيرها لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفرق بين البكر وغيرها إلا في صفة الإذن فقال «لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن قالوا يا رسول الله وكيف إذنها قال أن تسكت» ففرق صلى الله عليه وسلم بين البكر والثيب بأن البكر يكتفى بسكوتها لأنها تخجل في الغالب أن تنطق وأما الثيب فلا تخجل فلا بد من استئمارها وأخذ أمرها بذلك نطقًا ولم يفرق صلى الله عليه وسلم بين الأب وغيره بل نص على الأب فيما رواه الإمام أحمد ومسلم حيث قال صلى الله عليه وسلم «والبكر يستأمر أبوها.»

فاتقوا الله أيها المسلمون ولا تزوجوا النساء من غير أكفائهن ولا تمنعوهن منهم ولا تجبروهن على نكاح من لا يردنه ولا يكن همكم المال والدنيا فإن من السخف أن ينزل الرجل بنفسه فيزوج من أجل المال ويمنع من أجله إن من السخافة أن يقبل الشخص وترضى به المرأة فإذا جاء الجهاز قاصرًا عما يريدونه ردوا الجهاز ورجعوا عن قبول الرجل كأنما المقصود من النكاح المال وكأنما المرأة سلعة تباع وتشترى. إن شأن النكاح أسمى وأعظم من أن يكون القصد فيه المال ولذلك جعل الله سبحانه المصاهرة قسيمةً للنسب والقرابة فقال تعالى {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا} [الفرقان: ٥٤]

وفقني الله وإياكم للقيام بحقه وحقوق عباده وجعلنا ممن يقومون بالأمانة على الوجه الأكمل وهدانا صراطه المستقيم إنه جواد كريم.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين. . . إلخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>