للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفرض عقوبة المحاربين لله ورسوله وهم قطاع الطرق الذين يعرضون للناس بالقوة فيأخذون أموالهم أو يجمعون بين أخذ المال وقتل النفس فقال: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} [المائدة: ٣٣] فإذا قتلوا وأخذوا المال قتلوا وصلبوا وإذا قتلوا ولم يأخذوا المال قتلوا بدون صلب وإذا أخذوا المال ولم يقتلوا قطعت أيديهم من مفصل الكف وأرجلهم اليسرى من مفصل العقب وإذا لم يأخذوا المال ولم يقتلوا بل أخافوا الناس فقط أبعدوا عن البلاد حتى ينكف شرهم فإن لم ينكف بذلك حبسوا. وإنما استحق قطاع الطريق هذه العقوبة لعظم جريمتهم وعدوانهم وإخلالهم بالأمن.

وأما شرب الخمر فجلد فيه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الشارب نحو أربعين وجلد فيه أبو بكر أربعين وجلد فيه عمر أربعين في أول خلافته ثم لما عثا الناس في الخمر وفسقوا رفع الجلد فيها إلى ثمانين حين استشار الصحابة فقال عبد الرحمن أخف الحدود ثمانين فأمر به عمر رضي الله عنه.

أيها المسلمون هذه هي الحدود والعقوبات جعلها الله مناسبة لجرائمها شرعها الله رحمة بالحق وصونا لدمائهم وأعراضهم وأموالهم وصلاحا لمجتمعهم وأمر بإقامتها فور ثبوتها فلا يجوز تأخير إقامة الحد بعد ثبوته إلا لعذر شرعي مثل المرض الذي يرجى زواله أو المرأة الحامل حتى تضع ويأمن حملها. وقد كان أعداء الإسلام والملحدون من المنتسبين إليه يعيبون الإسلام بهذه الحدود ويقولون إن هذا وحشية ولكنهم هم المعيبون الجاهليون وهم الوحشيون الأحمقون يضعون الرحمة في غير أهلها ويدافعون عن المجرم ليتمادى في جرمه فيكون المجتمع كالوحوش يعدو بعضهم على بعض وينتهك بعضه حرمة بعض بلا حدود ولا رادع وفي الواقع أكبر شاهد لذلك فالبلاد التي لا تقام فيها الحدود تنتشر فيها الفوضى ويسودها الخوف والذعر.

وإنا لنرجو للأمة الإسلامية أن يوفقها الله رجالا مخلصين لا تأخذهم في الله لومة لائم لا يراعون الأمم الكافرة ولا يخافون عيبها ولا إرجافها ولا يغترون بمدنيتها الزائفة الباطلة ولا يراعون شريفا لشرفه ولا قريبا لقربه يقيمون حدود الله ويغارون لحرماته حتى يستتب الأمن وتحصل البركات إنه جواد كريم.

<<  <  ج: ص:  >  >>