للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالوحدة الإيمانية الدينية هي الوحدة النافعة التي يتكتل أفرادها في الدفاع عن عقيدتهم ودينهم والاشتراك في الدين والعقيدة هو أعظم مقومات الوحدة لأن دفاع الإنسان عن دينه وعقيدته أعظم من دفاعه عن وطنه وقوميته لأنه لا سعادة له في دنياه وآخرته إلا بدينه وأما الوطن والقومية غير الدينية فإن الإنسان يمكنه أن يعيش عيشة سعيدة إذا استقام دينه وإن لم يكن في وطنه أو بين قومه وقد شرع للناس من الأمور ما تستقيم به هذه الوحدة فالصلوات الخمس جماعة في المساجد وحدة خاصة لأهل المحلة المتقاربة وصلاة الجمعة وحدة أعم منها لأهل البلد ويوم عرفة وعيد النحر وحدة عامة للمسلمين من مشارق الأرض ومغاربها مع ما في هذه الاجتماعات من المصالح العظيمة الأخرى.

وفي مقام المعاملة بين الخلق يأمر بإعطاء كل ذي حق حقه فللنفس حق يجب أن تعطاه وللأهل حق يجب بذله لهم وللأصحاب حق يجب أن لا يحرموه ولمن تعامله حق يجب أن تعامله به عامل غيرك بالصدق والبيان ولا تعامله بالكذب والكتمان فمن غش فليس منا وفي مقام المعاهدات بيننا وبين غيرنا يأمرنا بالوفاء بها وينهانا عن الغدر والخيانة حتى الكفار إذا كان بيننا وبينهم عهد وجب علينا الوفاء فإن خفنا من غدرهم فإننا لا نخونهم بل نخبرهم بأنه لا عهد بيننا وبينهم: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ} [الأنفال: ٥٨] والدين يأمر بجميع مكارم الأخلاق جملة وتفصيلا وينهى عن مساوئ الأخلاق جملة وتفصيلا فمن تأمل الإسلام حق التأمل وجده الدين الحق الكفيل بسعادة الدنيا والآخرة للأفراد والشعوب والحكومات الدين الذي يجب على كل أحد أن يتمسك به ويدعو إليه فاحمدوا ربكم أيها المسلمون أن أنعم عليكم بهذا الدين وقيدوا هذه النعمة بالعمل بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ظاهرا وباطنا سرا وعلنا فإنكم إن تعرضوا عنه يوشك أن ينزع من بينكم ويورث غيركم لأن الله يقول: {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [محمد: ٣٨] والنعمة إذا شكرت بقيت وزادت وإن هي كفرت اضمحلت وزالت أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: ٣]

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>