للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١٢١٨ - هـ (١٨٠٣ م) (١) .

وليس معنى ذلك أن البناء على القبور في حد ذاته يصل إلى الشرك الأكبر - كما يعتقد بعض الناس - وإنما هي بدعة محرمة لأنها وسيلة إلى تعظيم صاحب القبر ثم عبادته فيجب إزالتها، وفي ذلك يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب في أحد أجوبته: " أما بناء القباب عليها (أي القبور) فيجب هدمها ولا علمت أنه يصل إلى الشرك الأكبر، وكذلك الصلاة عنده وقصده لأجل الدعاء لا أعلمه يصل إلى ذلك، ولكن هذه الأمور من أسباب حدوث الشرك فيشتد نكير العلماء لذلك " (٢) .

ولهذا لم يرد عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب شيئا عن القبة المقامة على قبر الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة، بل كذَّب في إحدى رسائله الذين قالوا إنه يستحسن هدمها ويأمر به (٣) لذلك حينما دخل الإمام سعود بن عبد العزيز بجيشه المدينة سنة ١٢١٨ هـ (١٨٠٣ م) هدم القباب الموجودة على قبور الصحابة وغيرهم، أما القبة المقامة على قبر الرسول صلى الله عليه وسلم فلم يتعرضوا لها واكتفوا بمنع الزائرين لقبره صلى الله عليه وسلم من الزيارات البدعية والشركية , ولعل السبب في عدم التعرض لها بالهدم - من بين القباب - أنهم رأوا في هدمها شرا مستطيرا على العالم الإسلامي يزيد في اختلافه ونزاعه وتفرق كلمته (٤) ومع ذلك لم يسلم أتباع الدعوة من فرية هدم قبة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة من المؤرخين الأوربيين الذين أطلقوا لخيالاتهم العنان في هذا الشأن , فأخذوا يتلذذون بذكر هذه الأسطورة الباطلة (٥) .

هذه نظرة عامة عن موقف دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب من زيارة القبور والبناء عليها والتي تقوم على مكافحة تقديس أصحاب القبور وتعظيمها لما تؤدي إلى الشرك.

لقد خدمت فكرة الدعوة إلى التوحيد التي نادى بها الشيخ وحدة المسلمين


(١) عثمان بن بشر: مصدر سابق ج١ ص ١٦١ و ١٦٢.
(٢) حسين بن غنام: تاريخ نجد، تحقيق الدكتور ناصر الدين الأسد ص ٥٢٧.
(٣) المصدر السابق: ص ٥٤٠.
(٤) رشيد رضا: الوهابيون والحجاز ص ٥٦.
(٥) مسعود الندوي: مرجع سابق ص ٢٢٠، ورشيد رضا: الوهابيون والحجاز ص ٥٦.

<<  <   >  >>