للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تلك هي الحالة السياسية للعالم الإسلامي في مشرقه في عصر الشيخ محمد بن عبد الوهاب.

أما المغرب الإسلامي: ففي الحقيقة لم تكن حالته السياسية بأحسن حظا من مشرقه، فقد كان العثمانيون قد استولوا على تونس والجزائر ومحوا دولتي (بني حفص وبني زيان) سنة ٩٦٤ هـ (١٥٥٦ م) بعدما كادت تقع في أيدي الأسبان، كما سقطت في مراكش دولة (بني وطاس) وقامت على أنقاضها (دولة السعديين) سنة ٩٥٦ هـ (١٥٤٩ م) ، وإذا كنا قد رأينا شيئا من الضعف السياسي للدولة العثمانية في هذا القرن (الثاني عشر الهجري) فلا شك أن هذا الضعف سينعكس على كافة ولاياتها ومنها تونس والجزائر مما جعلها لا تقوى على مقاومة حملات البرتغاليين والأسبان الحربية عليها، ومما زاد الطين بلة ضعف دولة السعديين هناك، فهي لم تكن من القوة بحيث تقف أمام هذه الحملات (١) إضافة إلى وجود فتن داخلية بين العرب والبربر وبين الإمارات التي تسكنها (الهوسا) المسلمة مع بعضها، وأخيرا بين قبائل الهوسا وقبائل الفولان (٢) . كل ذلك جعل هذه المنطقة من العالم الإسلامي ضعيفة لا تقوى حتى على الصمود في وجه الحملات الأوربية عليها.

هذه لمحة موجزة عن حالة العالم الإسلامي السياسية في مشرقه ومغربه؛ وبالجملة فهي حالة سيئة تدل على ما يعانيه العالم الإسلامي في تلك الفترة من فساد سياسي عام (٣) وكان لهذا تأثير ملحوظ على الحالة الاقتصادية في العالم الإسلامي، فنتيجة لهذا التدهور انعدم الأمن والاستقرار فبارت التجارة بوارا شديدا، وأهملت الزراعة أيما إهمال (٤) هذا في الوقت الذي كانت دول أوربا تتجه نحو تقوية نفوذها على


(١) عبد المتعال الصعيدي: المجددون في الإسلام ص ٣٥٠ و ٤١٨.
(٢) محمد كمال جمعة: المرجع السابق ص ٢١-٢٣.
(٣) Nicholson، R. A.، Aliteiary History of the Arabs P٤٦٦.
(٤) ستودارد: المرجع السابق ج١ ص ٢٥٩.

<<  <   >  >>