للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كان عام ١٢٣٢ هـ ترك سلك الجندية وعاد إلى دلهي فدرس حال إخوانه المسلمين عن كثب، وشاهد ما يعانونه من ضعف وتأخر تحت نير الاستعمار الإنجليزي (١) وعرف أن هذا راجع إلى انحراف هؤلاء المسلمين عن مبدأ الإسلام الصحيح، وانتشار البدع والخرافات في دينهم وتقديس الأولياء والصالحين بينهم، نتيجة لما خالط عقيدتهم الإسلامية هناك من كثير من عقائد الهندوس الوثنيين وعوائدهم (٢) .

وفي سنة ١٢٣٦ هـ ١٨٢١ م خرج السيد أحمد إلى مكة لأداء فريضة الحج فلقي في مكة بعض علماء وأتباع الدعوة السلفية , فعرضوا عليه مبادئ الدعوة فاقتنع بها سريعا، حتى إذا عاد إلى بلاده بذل جهوده لنشر هذه الدعوة في إقليم البنجاب (٣) . - شمال غرب الهند - وسعى لمحاربة البدع والخرافات التي ضربت أطنابها في قلوب المسلمين هناك، ويتضح من رسائله أنه كان من أهداف حركته وضع حد لحكم الإنجليز، ونفوذ جماعة (السيخ) الوثنيين هناك، واستعادة الحكم الإسلامي للهند من جديد، وسرعان ما ذاع صيته في كل مكان، واعتنق مبادئه آلاف من المسلمين، وأسّس دولة مستقلة في البنجاب وما حولها، واتسعت هذه الدولة حتى وصلت في نفوذها إلى منطقتي (السند وبلوخستان) وجزء من أفغانستان، ثم أعلن الجهاد على كل من خالف مذهبه (٤) فهزم (السيخ) قرب (بيشاور) ، ولكنه تعرض لمقاومة عنيفة من الإنجليز والسيخ متعاونين حتى استشهد - رحمه الله - في اشتباك وقع بينه وبين السيخ بمعاونة الإنجليز لهم عام ١٢٤٦ هـ (١٨٣١ م) فاضمحلت بذلك دولته، ولكن دعوته ظلت باقية في أتباعه الذين تابعوا دعوته الإصلاحية في الهند بإصرار، وأنتجوا أدبا دينيا ضخما واصطنعوا اللغة الأردية ليضمنوا إيصال تعاليمهم إلى كل الشعب، كما آثروا الاشتغال بالتجارة حتى يبتعدوا عن الخضوع للمستعمر الإنجليزي (٥) .


(١) جمال الدين الشيال: ص ٦٧.
(٢) محمود عبد الله ماضي ج١ ص ٦٧.
(٣) Qeyamuddin انظر: Ahmed Ibid. Pp٢٣٢-٢٦٨.
(٤) عباس محمود العقاد: ص ٨١.
(٥) جمال الدين الشيال: ص ٦٨-٦٩.

<<  <   >  >>