للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإسلامي - ذلك أن مبادئ الدعوة السلفية تخالف أسس مبادئ المهدية بالسودان في الصميم، فالدعوة السلفية تحارب التصوف ولا تؤمن بهذا المهدي (١) لأن الأحاديث الواردة في ظهوره وصفاته وشروطه لا تنطبق عليه، وذلك حسب رأي علماء المسلمين من أهل السنة (٢) ورغم ذلك فنستطيع أن نلمس تأثر الحركة المهدية في السودان بالدعوة السلفية في وجهين:

١ - كرر المهدي في رسائله أن الهدف من دعوته هو إنعاش العقيدة الإسلامية وإحياء سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، كما تشدد المهدي في منع بعض البدع وحظر المفاسد وتحريمها وخاصة شرب الخمر (٣) وذلك كله مما تنادي به الدعوة السلفية، كما سبق.

٢ - أنها دعوة ظهرت بالمظهر السياسي والديني معا - وقد نهجت بذلك منهج الدعوة السلفية وتأثرت بها، ذلك أن " زعامة الشيخ محمد بن عبد الوهاب الدينية قد أعادت إلى النفوس صورا من هذه الزعامات التي أقامت دولا كدولة الفاطميين بمصر ودولة الموحدين بالمغرب فإن لم يكن المهدي قد نظر إلى الدعوة السلفية من جميع اتجاهاتها فلا أقل من أن ينظر إليها من هذا الاتجاه فانتفع به وأراد أن يقيم دولة في ظل زعامته الدينية (٤) .

ونستطيع القول بعد ذلك كله: إن الحركة والدعوة المهدية في السودان من أقل الحركات الإصلاحية في العالم الإسلامي تأثرا بالدعوة السلفية.

ومهما يكن من أمر فإن أثر هذه الدعوة ظل محدودا ومحليا إلى حد كبير، فقد توفي


(١) أرسل بعض علماء نجد الشيخ (علي بن وادي المتوفى عام ١٣٦١ هـ في عنيزة) إلى السودان للتحقق من صدق ذلك المهدي، فسافر ثم عاد بعد أن تبين له أنه غير ذلك. انظر: عبد الله البسام (علماء نجد) ج٣ ص٧٣٩.

(٢) انظر الاختلاف في شخصية المهدي في كتاب حاضر العالم الإسلامي: المصدر السابق ج١ ص ٨٨ وما بعدها (تعليق شكيب أرسلان) ط ١٣٤٣ هـ المطبعة السلفية، وانظر كتاب (النهاية) لابن كثير ج١ ص ٢٧ - ٣٤، وكتاب (الخطوط العريضة لمذهب الشيعة الاثنا عشرية) لمحب الدين الخطيب ص ٣٩-٤٠، وكتاب (لوامع الأنوار البهية) لمحمد أحمد السفاريني ص ٧٠ - ٨٦.

(٣) أحمد عبد الرحيم مصطفى: ص ٤٤، وعبد الفتاح منصور: ص ٢٨.
(٤) عبد الكريم الخطيب: ص ١٤٠ - ١٤١.

<<  <   >  >>