للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأعجب بمبادئ الدعوة وعاد إلى بلاده وكله حماس وغيرة من أجل إصلاح عقيدة المسلمين هناك على أساس الإسلام الصحيح الخالص من كل شوائب الشرك والبدع والفساد والخرافات (١) فحارب تلك الأمور في عشيرته وقومه وعمل للقضاء على الوثنية وعبادة الأموات التي كانت لا تزال مختلطة بالعقيدة الإسلامية في نفوس السودانيين هناك، وعن طريق نشره لمبادئ الإسلام الصحيحة - وذلك بإذاعة ونشر مبادئ الدعوة السلفية - استطاع أن يجمع قبيلته حوله في وحدة متماسكة مرتبطة بوحدة الدين والعقيدة، بعد أن كانت منقسمة إلى عدة وحدات ضعيفة متخاذلة متنازعة (٢) .

بعد ذلك ابتدأ مرحلة (الدعوة بالقوة) عام ١٢١٧ هـ (١٨٠٢ م) ، وقام بحروب ضد قبائل (الحوصة) الوثنية، كما قضى على (مملكة جبير) التي تقع على امتداد مجرى نهر النيجر، ولم تأت سنة ١٢١٩ هـ (١٨٠٤ م) - بعد سنتين من الجهاد - حتى تم له توحيد تلك المناطق باسم (مملكة سوكوتو) الإسلامية، والتي اتسعت رقعتها فامتدت إلى جميع الأقطار الواقعة بين مدينة (تمبكتو) - في الغرب على نهر النيجر - وبحيرة " تشاد " في الشرق، حتى قدرت مساحتها بأربعمائة ألف كيلو متر مربع، وقدر سكانها بعشرة ملايين من الأنفس (٣) .

ولكن على الرغم من وفاة مؤسسها (عثمان دانفوديو) عام ١٢٣١ هـ (١٨١٦ م) إلا أن مملكته تلك بقيت في عقبه , وأخذت تتسع في مساحتها حتى تحولت إلى إمبراطورية امتدت من مدينة (أدماوا) في الشرق إلى مدينة (إلورن) في الجنوب الغربي، وكان لهذا الاتساع الكبير في (مملكة سوكوتو) دوره الكبير في نشر العقيدة الإسلامية في تلك المناطق من أفريقيا (٤) .

وقد بقيت تلك الإمبراطورية مستقلة تحت نفوذ (الفلبي) قرابة قرن من الزمن أي طول القرن التاسع عشر الميلادي، حتى قضى المستعمر الأوروبي البريطاني على


(١) توماس أرنولد: ص ٣٦٠.
(٢) محمد عبد الله ماضي: ج١ ص ٦٦.
(٣) المرجع السابق ص ٦٦، ولوثروب ستودارد ج١ ص ٣٠٢ ط ١٣٤٣ هـ.
(٤) مصطفى مسعد: المرجع السابق، العدد الخامس، مجلة كلية العلوم الاجتماعية ص ٢١٧ وما بعدها، وأحمد عبد الغفور عطار ص ٢١٧.

<<  <   >  >>