للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رسوله على تلك الأحوال حالا فحالا، ويخبره عنها على سبيل التفصيل، فما كانوا يجدون في كل ذلك إلا الصدق، ولم يستطيعوا أن ينكروا خبر القرآن عنهم، وكذلك ما فيه من كشف أحوال اليهود وضمائرهم.

الأمر السادس: أنه ورد في القرآن الكريم من المعارف الجزئية والعلوم الكلية ما لم تعهده العرب عامة ولا محمد صلى الله عليه وسلم خاصة، ففيه علم الشرائع، والتنبيه على طرق الحجج العقلية، والرد على أهل الضلال، وفيه السير والمواعظ، والحكم، والأمثال، وأخبار الدار الآخرة، ومحاسن الآداب والشيم، وقد انبثقت من القرآن الكريم علوم كثيرة أهمها علم العقائد والأديان، وعلم الفقه والأحكام، وعلم السلوك والأخلاق.

الأمر السابع: كونه بريئا عن الاختلاف والتفاوت، مع أنه كتاب كبير مشتمل على أنواع كثيرة من العلوم، فلو كان هذا القرآن من عند غير الله لوقع فيه أنواع من الكلمات المتناقضة؛ لأن الكتاب الكبير لا ينفك عن ذلك، ولما لم يوجد فيه أدنى اختلاف علمنا علما يقينيا أنه من عند الله كما قال تعالى في سورة النساء آية ٨٢: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء: ٨٢]

وإلى هذه الأمور السبعة يشير قوله تعالى في سورة الفرقان آية ٦: {أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الفرقان: ٦] ؛ لأن بلاغته وأسلوبه العجيب وإخباره عن الغيوب واشتماله على أنواع العلوم وبراءته عن الاختلاف والتفاوت مع كونه كتابا كبيرا لا يتأتى إلا من العليم الخبير الذي لا يغيب عن علمه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض.

<<  <   >  >>