للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن أول أغراض الشعر أن يكون في المواعظ، والأمثال، والآداب، والأخلاق، والحث على الجهاد أو الإنفاق، أو خلال الخير المتنوعة، وكذلك ما يرقق القلوب من شعر الزهد، والقناعة، والتذكير بالآخرة والجزاء.

ولهذا فإن الصحابة رضي الله عنهم استشهدوا بالشعر في مواطن مختلفة، في موطن العظة، وفي مقام الجهاد، فقد تمثلت عائشة رضي الله عنها بالشعر عند مرض أبيها " وأخرج ابن أبي الدنيا من طريق عباد بن عباد، عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبيه، عن جده علقمة بن وقاص، قال: إن عائشة رضي الله عنها قالت: حضرت أبي رضي الله عنه وهو يموت، وأنا جالسة عند رأسه، فأخذته فتمثلت ببيت من الشعر:

من لا يزال دمعه مقنعا ... فإنه لا بد مرة مدفوق

قالت: فرفع رأسه فقال: يا بنية ليس كذلك، ولكن كما قال تعالى: {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ} [ق: ١٩]

وأخرج من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن البهي قال: لما أن ثقل أبو بكر رضي الله عنه جاءت عائشة رضي الله عنها فتمثلت بهذا البيت:

لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى ... إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر

فكشف عن وجهه وقال رضي الله عنه: ليس كذلك، ولكن قولي: {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ} [ق: ١٩] (١) .

وتمثلت ببيتي متمم بن نويرة يرثي أخاه مالكا عند وفاة أخيها عبد الرحمن:

وكنا كندماني جذيمة برهة ... من الدهر حتى قيل لن يتصدعا

فلما تفرقنا كأني ومالكا ... لطول فراق لم نبت ليلة معا

وأخرج أحمد عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا


(١) تفسير ابن كثير (٤ / ٢٢٥) .

<<  <   >  >>