للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ينبغي أن يتنبه له الحذر من أن يحيي بدعة ميتة دون أن يشعر، وذلك بأن تكون البدعة لا أتباع لها، أو لا تكاد تعرف بين الناس، فيكرر الخطب بالتحذير منها، أو يركز الخطبة بالكلام عليها، وقد كانت نائمة فأيقظها، مغمورة فشهرها، ميتة فأحياها، وجعل الناس يسأل بعضهم بعضا عنها، وبعضهم يسعى للتعرف عليها، وبعضهم يدفعهم الفضول لأن يقرأ حولها، ويجادل عن فكرتها، وهكذا تصبح حديث المجالس، ويغدو الناس بين مؤيد لها، ومنظر لفكرتها، ومعارض لأصلها.

إن المنهج الصحيح في التعامل مع مثل هذه البدع والمحدثات، والمنكرات هو دفنها بتركها، وعدم التحدث عنها.

وليس المقصود بهذا أن نتركها ونهملها حتى تحيا وتنتشر، بل لا بد من الإنكار على صاحبها في السر لمن علم به، وزجره، وردعه، وتخويفه، فإن ارتدع وإلا فيرفع أمره إلى ولاة الأمر ليأخذوا على يده، ويميتوا فتنته في مهدها.

وليس في دفن البدعة، وعدم التحدث عنها ستر على المبتدع، بل طمس على البدعة، وتضييق عليها لئلا تنتشر، ومن التضييق على البدعة أيضا أن نقوم بنشر السنة، وبيان الحق، والأدلة على الاتباع وفضله، والتحذير من مخالفة السنة.

أما إذا كانت البدعة قد انتشرت، أو اغتر بها فئات من الناس، وضل بها آخرون، فلا تهاون أبدا في إنكارها وإبطالها، وحشد أهل العلم للرد عليها ومحاربتها، ولا يصلح السكوت عنها.

قال في نهاية المبتدئين: ويجب إنكار البدع المتصلة، وإقامة الحجة على إبطالها، سواء قبلها قائلها أو ردها، ومن قدر على إنهاء المنكر إلى السلطان أنهاه، وإن خاف موته قبل إنهائه أنكره هو. . . وقال المروزي: قلت

<<  <   >  >>