للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفيء يمشي فيه من شدة الحر، فلما أتاهم قال أبو طالب: إن بني عمك هؤلاء زعموا أنك تؤذيهم في ناديهم ومسجدهم، فانته عن أذاهم. فحلق رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ببصره إلى السماء فقال: أترون هذه الشمس؟ قالوا: نعم، قال: فما أنا بأقدر على أن أدع ذلك منكم على أن تستشعلوا منها شعلة. فقال أبو طالب: والله ما كذبنا ابن أخي، فارجعوا وفي رواية ما كذبت ابن أخي قط.

قالوا: وازداد البلاء من قبل قريش على سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فائتمروا بينهم أن يكلموا أبا طالب في ابن أخيه، فإن فعل، وإلا تعاقدوا على عقد ألا يناكحوهم، ولا يبايعوهم حتى يدفعوه إليهم، فكتبوا في صحيفتهم عهداً بينهم ألا يناكحوا من بني عبد المطلب، ولا يبايعوهم، ولا يجالسواهم، ولا يكلموهم حتى يدفعوا إليهم محمداً، فيقتلونه. فمشوا إلى أبي طالب، وقد كتبوا كتابهم: قالوا: يا بن عبد المطلب، أنت أفضل قريش اليوم حلماً، وأكبرهم سناً، وأعظمهم شرفاً، وقد رأيت صنع ابن أخيك، والسفهاء الذين معه، الصباة المخلطين لأمرهم، إن قومك قد نفروا إلى أمر فيه صلاح قومك، وصلاحهم لك صلاح إن فعلت، وإن أبيت فقد أبلغوا إليك في العذر، وفيه هلاكك وهلاك أهل بيتك، لا يعدوكم ذلك إلى أحد غيركم، قد كتب قومك كتاباً فيه الذي تكرهون إن أبيتم أن تدفعوا إليهم حاجتهم. قال: وما حاجتكم فيما قبلي؟ قالوا: حاجتنا أن تدفع إلينا هذا الصابئ الذي فرق كلمتنا، وأفسد جماعتنا، وقطع أرحامنا، فنقتله، ونعطيك ديته. قال: لا تطيب بذلك نفسي أن أرى قاتل ابن أخي يمشي بمكة وقد أكلت ديته. قالوا: فإنا ندفعه إلى بعض العرب فيكون هو يقتله، وندفع إليك ديته، ونعطيك أي أبنائنا شئت، فيكون لك ولداً مكان هذا الصابئ. فقال لهم: ما أنصفتموني، تقتلون ابني وأغذو أولادكم؟ أولا تعلمون أن الناقة إذا فقدت ولدها لم تحن إلى غيره؟ ولكن أمر هو أجمع لكم مما أراكم تخوضون فيه، تجمعون شباب قريش، من كان منهم بسن محمد، فتقتلونهم جميعاً، وتقتلون معهم محمداً، قالوا: لا لعمر أبيك، لا لا نقتل أبناءنا وإخواننا من أجل هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>