للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شاب]

دخل قوم على عمر بن عبد العزيز يعودونه في مرضه، وإذا فيهم شاب داثر ناحل الجسم فقال له عمر: ما الذي بلغ بك ما أرى؟ فقال: يا أمير المؤمنين، أمراض وأسقام. قال: سألتك بالله إلا صدقتني. فقال: يا أمير المؤمنين، ذقت حلاوة الدنيا فوجدتها مرة، فصغر في عيني زهرتها وحلاوتها، واستوى عندي حجرها وذهبها، وكأني أنظر إلى عرش ربي، والناس يساقون إلى الجنة والنار، فأظمأت لذلك نهاري، وأسهرت ليلي، وقليل حقير كل ما أنا فيه في جنب ثواب الله وعقابه.

[فتى من الأنصار]

دخل على عمر بن عبد العزيز شيخ جليل فقال: يا أمير المؤمنين، إني دخلت مصر مع مروان، وغزوت دير الجماجم، وغزوة كذا وغزوة كذا، فتأمر لي بشيء؟ فقال: اجلس أيها الشيخ. قال: ويثور عند الشيخ يكلمه غلام من الأنصار فقال: يا أمير المؤمنين، أنا فلان بن فلان، أبي ممن شهد العقبة وبدراً وأحداً. وذكر مغازي فقال عمر: أين الشيخ؟ فقال: ها هو ذا. فقال: هذه المكارم، لا ما يعده الشيخ منذ اليوم: من البسيط

تلك المكارم لا قعبان من لبنٍ ... شيباً بماء فصارا بعد أبوالا

قال: هذا الأنصاري هو رجل من ولد قتادة بن النعمان، كما روي أنه وفد على عمر بن عبد العزيز، فقال له عمر: من الرجل؟ قال: من الطويل

أنا ابن الذي سالت على أحد عينه ... فردت بكف المصطفى أحسن الرد

فعادت كما كانت لأول عهدها ... فيا حسن ما عيني ويا طيب ما يد

<<  <  ج: ص:  >  >>