للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعظم من الذنب إذا عملته.

ويحك هل تدري ما كان ذنب أيوب فابتلاه الله بالبلاء في جسده، وذهاب ماله؟ إنما كان ذنب أيوب أنه استعان به مسكين على ظلم يدرؤه عنه فلم يعنه، ولم يأمر بمعروف وينه الظالم عن ظلم هذا المسكين، فابتلاه الله عز وجل.

حدث أبو إدريس الخولاني قال: أجدب الشام فكتب فرعون إلى أيوب عليه السلام أن هلم إلينا فإن لك عندنا سعةً، فأقبل بخيله وماشيته وبنيه، فأقطعهم وبنيهم، فدخل شعيب عليه السلام، وكان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا ذكر شعيب قال: ذاك خطيب الأنبياء.

قال: يا فرعون أما تخاف أن يغضب الله فيغضب لغضبه أهل السموات والأرض والجبال والبحار؟ فسكت أيوب، فلما خرجا من عنده، أوحى الله إلى أيوب: يا أيوب، أوسكتّ عن فرعون لذهابك إلى أرضه؟ استعد للبلاء، قال أيوب: أما كنت أكفل اليتيم، وآوي الغريب، وأشبع الجائع، وأكفت الأرملة؟ فمرت سحابة يسمع فيها عشرة آلاف صوت من الصواعق، يقولون: من فعل ذلك يا أيوب؟ فأخذ تراباً فوضعه على رأسه، وقال: أنت يا رب.

فأوحى الله إليه: استعد للبلاء، قال: فديني؟ قال: أسلمه لك قال: فما أبالي.

قال الليث بن سعد: كان السبب الذي أصاب أيوب وابتلي به أنه دخل أهل قريته على ملكهم وهو جبار من الجبابرة - وذكر بعض ما كان ظلمه الناس ويقع به عليهم - فكلموه فأبلغوا في كلامه ورفق أيوب في كلامه له مخافةً لزرعه، فقال الله: " اتقيت عبداً من عبادي من أجل زرعك أن تصدقه مخافة منك أن يغلظ عليك؟ " فأنزل الله عز وجل به ما أنزل به من البلاء.

قال الحسن:

ضرب أيوب بالبلاء ثم البلاء بعد البلاء بذهاب الأهل والمال، ثم ابتلي في بدنه، ثم ابتلي حتى قذف به في بعض مزابل بني إسرائيل، قال الحسن: فما يُعلم أيوب دعا الله عز وجل يوماً أن يكشف ما به ليس ذلك إلا صبراً واحتساباً حتى مر به رجلان، فقال أحدهما

<<  <  ج: ص:  >  >>