للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مني فلا تؤاخذني بها. فأخذ ابن مسعود بيد الحارث فانطلق به إلى رحله، فمكث عنده ما شاء الله أن يمكث.

ثم قال الحارث: لابد لي من أطلع أبا عبد الله سلمان إلى المدائن، فانطلق الحارث حتى قدم على سلمان في المدائن، فوجده في مدبغة له يعرك الأهب بكفيه. فلما أن سلم عليه قال: مكانك حتى أخرج إليك. قال الحارث: والله ما أراك تعرفني يا عبد الله. قال: بلى، قد عرفت روحي روحك قبل أن أعرفك، فإن الأرواح عند الله جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما كان في غير الله اختلف. فمكث عنده ما شاء الله أن يمكث ثم رجع إلى الشام.

فأولئك الذين كانوا يتعارفون في الله ويتزاورون فيه، اللهم اجعلنا منهم برحمتك.

مات الحارث بن عميرة زمن يزيد بن معاوية.

[الحارث بن عمير الأزدي]

له صحبة. بعثه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رسولاً إلى صاحب بصرى، فقتل بمؤتة، فوجه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى أهل مؤتة جيشاً.

قال عمرو بن الحكم: بعث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحارث بن عمير الأزدي ثم أحد بني لهب، إلى ملك بصرى بكتاب. فلما نزل مؤتة عرض له شرحبيل بن عمرو الغساني فقال: أين تريد؟ قال الشام. قال: لعلك من رسل محمد! قال: نعم، أنا رسول رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فأمر به فأوثق رباطاً، ثم قدمه فضرب عنقه صبراً، ولم يقتل لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رسول غيره.

فبلغ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الخبر فاشتد عليه وندب الناس وأخبرهم بمقتل الحارث ومن قتله، فأسرع الناس وخرجوا فعسكروا بالجرف. وكان ذلك سبب خروجهم إلى غزوة مؤتة. ومؤتة بأدنى البلقاء، والبلقاء دون دمشق.

<<  <  ج: ص:  >  >>