للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طريقاً واسعاً لا يضيق بها، فلما أرسلت يوم الحلبة بين يديه، كان ينظر إليها تدور حتى ترجع، فجعل الناس يتراءونها حتى أقبل الذائد كأنه ريح لا يتعلق به شيء، حتى دخل سابقاً وأخذ القصبة، ثم جاءت الخيل بعد لأيٍ أفذاذاً وأفواجاً، ووثب الرجاز يرتجزون: منهم المادح للذائد، ومنهم المادح لفرسه، ومنهم المادح لخيل قومه، فوثب مولاهم حفص الأموي وقام مرتجزاً يقول: من مشطور الرجز

إنّ الجواد السابق الإمام ... خليفة الله الرضي الهمام

أنجبه السوابق الكرام ... من منجباتٍ ما بهنّ ذام

ومنها:

أطلق وهو يفعٌ غلام ... في حلبةٍ تمّ لها التّمام

من آل فهرٍ وهم السّنام ... فبذّهم سبقاً وما ألاموا

كذلك الذّائد يوم قاموا ... أتى يبذّ الخيل ما يرام

مجلّياً كأنه حسام ... سبّاق غاياتٍ لها ضرام

لا يقبل العفو ولا يضام ... ويل الجياد منه ماذا راموا

سهم تعزّ دونه السهام

فأعطاه هشام يومئذ ثلاثة آلاف درهم، وخلع عليه ثلاث حلل من جيد وشي اليمن، وحمله على فرس له من خيله السوابق، وانصرف معه ينشده هذا الرجز حتى قعد في مجلسه وأخذه بملازمته، فكان أثيراً عنده، وأعطى أصحاب الخيل المقصبة يومئذ عطايا كثيرة.

قال الكلبي: لا نعلم لتلك الحلبة نظيراً في الحلائب.

<<  <  ج: ص:  >  >>