للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا بني، انطلق إلى إخوتك بما لهم يتقوون به على عدوهم، فادفعه إليهم وانظر ما حالهم، وعجل الاتصراف إلي وإلى ضيعتك.

وروي عن جماعة علماء أن داود خرج ومعه زاد لإخوته، ومعه عصاه ومخلاته ومرجمته، وهي القذافة، وهي المقلاع الذي يرمي به السباع عن غنمه. قال: فبينا هو يمشي إذ ناداه حجر فقال: يا داود، احملني أقتل لك جالوت. قال: من أنت؟ قال: أنا حجر إبراهيم الذي قتل بي كذا وكذا، أنا أقتل جالوت بإذن الله. قال: فحمله، فجعله في مخلاته ثم مضى؛ فناداه حجر آخر فقال: يا داود، احملني؛ قال: من أنت؟ قال: أنا حجر إسحاق الذي قتل بي كذا وكذا، أنا أقتل جالوت بإذن الله. قال: فحمله وجعله في مخلاته ثم مضى؛ فإذا هو بحجر آخر فقال: يا داود، احملني معك؛ قال: من أنت؟ قال: أنا حجر يعقوب، أنا أقتل جالوت بإذن الله عز وجل؛ فقال له داود: كيف تقتله؟ قال: أستعين بالريح، فتلقي بيضته، وأصيب جبهته فأنفذها منه فأقتله؛ فحمله وجهله في مخلاته.

قال وهب بن منبه: لما تقدم داود أدخل يده في مخلاته فإذا تلك الحجارة الثلاثة صارت حجراً واحداً. قال: فأخرجه فوضعه في مقلاعه؛ فأوحى الله إلى الملائكة أن أعينوا عبدي داود وانصروه. قال: فتقدم داود وكبر؛ قال: فأجابه الخلق غير الثقلين؛ الملائكة وحملة العرش فمن دونهم؛ فسمع جالوت وجنده شيئاً ظنوا أن الله عز وجل قد حشر عليهم أهل الدنيا؛ وهبت ريح وأظلمت عليهم، وألقت بيضة جالوت، وقذف داود الحجر في مقلاعه، ثم أرسله، فصار الحجر ثلاثة، فأصاب أحدهم جبهة جالوت، فنفذ هامته فألقاه قتيلاً، وذهب الحجر الآخر فأصاب ميمنة جند جالوت فهزمهم، والثالث أصاب الميسرة فهزمهم؛ وظنوا أن الجبال قد خرت عليهم، فولوا مدبرين، وقتل بعضهم بعضاً؛ ومنح الله عز وجل بني إسرائيل أكتافهم حتى أبادهم. وانصرف طالوت ببني إسرائيل مظفراً، قد نصرهم الله عز وجل على عدوهم. فزوج ابنته من داود عليه السلام، وقاسمه نصف ماله.

روي عن عبدة بن حزن النصري قال: تفاخرعند رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أصحاب الإبل وأصحاب الغنم، فقال أصحاب الإبل: وما

<<  <  ج: ص:  >  >>