للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخطب خطبة بتيراء والبتيراء: التي لا يصلى فيها على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم قال: إن أمير المؤمنين قد قال ما سمعتم، وشهدت الشهود بما قد علمتم، وإنما كنت امرأ حفظ الله مني ما ضيع الناس، ووصل مني ما قطعوه. إلا أنا قد سسنا وساسنا السائسون، وجربنا وجربنا المجربون، وولينا وولي علينا الوالون، وإنا وجدنا هذا الأمر لا يصلحه إلا شدة في غير عنف، ولين في غير ضعف، وايم الله إن لي فيكم صرعى، فليحذر كل رجل منكم أن يكون من صرعاي، فوالله لآخذن البريء بالسقيم، والمطيع بالعاصي، والمقبل بالمدبر حتى تلين لي قناتكم، وحتى يقول القائل: انج سعد فقد هلك سعيد. ألا رب فرحٍ بإمارتي لن تنفعه، ورب كارهٍ لها لن تضره، وقد كانت بيني وبين أقوام منكم دمنٌ وأحقاد، وقد جعلت ذلك خلف ظهري، وتحت قدمي، فلو بلغني عن أحدكم أن البغض لي قتله ما كشفت له قناعاً، ولا هتكت له ستراً، حتى يبدي صفحته، فإذا أبداها لم أقله عثرته، ألا ولا كذبة أكثر شاهداً عليها من كذبة إمامٍ على منبر، فإذا سمعتموها مني فاغتمزوها في، فإذا وعدتكم خيراً أو شراً فلم أف به فلا طاعة لي في رقابكم. ألا وأيما رجل منكم كان مكتبه خراسان فأجله سنتان، ثم هو أمير نفسه، وأيما رجل منكم كان مكتبه دون خراسان فأجله ستة أشهر ثم هو أمير نفسه، وأيما امرأةٍ احتاجت تأتينا نعطها عطاء زوجها ثم نقاصه به، وأيما عقال فقدتموه من مقامي هذا إلى خراسان فأنا له ضامن.

فقام إليه نعيم بن الأهتم المنقري فقال: أشهد لقد أوتيت الحكمة وفصل الخطاب. فقال: كذبت أيها الرجل، ذاك نبيٌّ الله داود عليه السلام. ثم قام إليه الأحنف بن قيس فقال: أيها الرجل، إنما الجواد بشده، والسيف بحده، والمرء بجده، وقد بلغك جدك ما ترى، وإنما الشكر بعد العطاء، والثناء بعد البلاء، ولسنا نثني عليك حتى نبتليك. فقال: صدقت.

ثم قام أبو بلال مرداس بن أدية فقال: أيها الرجل قد سمعت قولك: والله لآخذن البريء بالسقيم، والمطيع بالعاصي، والمقبل بالمدبر. ولعمري لقد خالفت ما حكم الله في

<<  <  ج: ص:  >  >>