للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان من قدر الله أن أبا بكر توفي واستخلف عمر بن الخطاب، وكان فتح الشام على يدي عمر، ولا علم لعمر بفتح الشام، ولا علم لأهل الشام بخلافة عمر. فلما بلغتهم خلافته قالوا: فظ غليظٌ شديد، ما هو لنا بملائم، وكرهوا خلافته. ثم بعثوا رجالاً إليه فقالوا: انظروا كيف عدله، وقربه، ولينه. فلما قدم عليه الوفد قالوا: السلام عليك يا خليفة خليفة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال: وعليكم، من أين أقبلتم؟ قالوا: أقبلنا من الشام. قال: فكيف تركتم من وراءكم من أهل الشام؟ قالوا: تركناهم سالمين صالحين، لعدوهم قاهرين، لبيعتك كارهين، منك مشفقين. فرفع عمر يده إلى السماء فقال: اللهم، حببهم إلي وحببني إليهم.

ثم سار إلى الشام بعد ذلك، فلما دخل الشام حمد الله، وأثنى عليه، ووعظ، وذكر، وأمر بالمعروف، ونهى عن المنكر، ثم قال: " إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قام فينا خطيباً كمقامي فيكم فأمر بتقوى الله، وصلة الرحم، وصلاح ذات البين، وقال: عليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة، وإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد، لا يخلون رجلٌ بامرأة، فإن الشيطان ثالثهم، ومن ساءته سيئته وسرته حسنته فهو أمارة المسلم المؤمن، وأمارة المنافق الذي لا تسوءه سيئته، ولا تسره حسنته، إن عمر خيراُ لم يرج من الله في ذلك الخير ثواباً، وإن عمل شراً لم يخف من الله عز وجل في ذلك الشر عقوبةً، وأجملوا في طلب الدنيا، فإن الله عز وجل قد تكفل بأرزاقكم، وكل سيبين له عمله الذي كان عاملاً، استعينوا بالله على أعمالكم، فإنه يمحو " ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ". صلى الله على محمد ".

هذه خطبة عمر بن الخطاب على أهل الشام، يأثرها عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>