للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن شريحاً خرج أيام الطاعون إلى النجف، فكان إذا قام يصلي يجيء ثعلب فيقف تجاهه فيحاكيه ويمثل بين يديه فيشغله عن صلاته. فلما طال ذلك عليه نزع قميصه فجعله على قصبة وأخرج كميه وجعل قلنسوته وعمامته عليه، فأقبل الثعلب فوقف على عادته، فأتاه شريح من خلفه فأخذه بغتة فلذلك يقول هو أدهى من الثعلب.

قال الشعبي قال لنا شريح: يا شعبي عليكم بنساء بني تميم فإنهن النساء. قلنا: وكيف؟ قال: رجعت يوماً من جنازة مظهراً، فمررت بخباء فإذا عجوز معها جارية رود فاستسقيت، فقالت: اللبن أعجب إليك أم ماء أم نبيذ؟ قال: قلت: اللبن أعجب إليّ، قالت: يا بنية، اسقيه لبناً، فإني أظنه غريباً، فسقتني، فلما شربت قلت: من هذه الجارية؟ قالت: هذه ابنتي زينب بنت جرير إحدى نساء بني تميم ثم من بني حنظلة ثم من بني طهيّة. قلت: أتزوجينيها؟ قالت: نعم، إن كنت كفؤاً، قال: فانصرفت إلى منزلي وامتنعت عن القائلة، فلما صليت الظهر وجهت إخواني إلى الثقات: مسروق بن الأجدع، والأسود بن يزيد، فصليت العصر ثم رحب إلى عمها وهو في مسجده، فلما رآني تنحى لي عن مجلسه فقلت: أنت أحق بمجلسك ونحن طالبوا حاجة فقال: مرحباً بك يا أبا أمية ما حاجتك؟ قلت: أني قد ذكرت زينب بنت أخيك، فقال: والله ما بها عنك رغبة ولا بك عنها مقصر، قال: وتكلمت فزوجني، ثم انصرفت فما وصلت إلى منزلي حتى ندمت وقلت: ماذا صنعت بنفسي؟ فهممت أن أرسل إليها بطلاقها ثم قلت: لا أجمع حمقتين، ولكن أضمها إليّ فإن رأيت ما أحب حمدت الله، وإن تكن الأخرى طلقتها. فأرسلت إليها بصداقها وكرامتها.

فلما أهديت إليّ وقام النساء عنها قلت: يا هذه؟ إن من السنة إذا أهديت المرأة إلى زوجها أن تصلي ركعتين خلفه، ويسألا الله البركة، فقمت أصلي فإذا هي خلفي. فلما فرغت رجعت إلى مكانها، ومددت يدي إليها فقالت: على رسلك فقلت: إحداهن ورب الكعبة فقالت: الحمد لله وصلى الله على محمد وآله. أما بعد. فإني امرأة غريبة ولا والله ما ركبت مركباً أصعب علي من هذا، وأنت رجل لا أعرف أخلاقك فخبرني بما تحب آته، وبما تكره أزدجر عنه، أقول قولي هذا وأستغفر لله لي ولك. فقلت: الحمد لله وصلى الله على محمد وآله. أما بعد. فقد قدمت خير مقدم، قدمت على أهل دار، زوجك سيّد

<<  <  ج: ص:  >  >>