للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأحد من ولده إلا ليوسف. وأنشأ آدم يقول: ربِّ، كُنْتُ جارَكَ في دارك، ليس لي ربّ غيرك، ولا رقيب دونك، آكل منها رغداً، وأسكن حيث أحببت، فأهبطتني إلى هذا الجبل المقدس، فكنت أسمع أصوات الملائكة، وأراهم كيف يحُفّون بعرشك. وأجد ريح الجنة وطيبها، ثم أهبطتني إلى الأرض، وحططتني إلى ستين ذراعاً، فقد انقطع عني الصوت والنظر، وذهب عني ريح الجنة، فأجابه الله: " لمعصيتك يا آدم فعلت ذلك بك ".

فلما رأى الله عزّ وجل عُري آدم وحواء أمره أن يذبح كبشاً من الضأن من الثمانية الأزواج التي انزل الله عزّ وجل من الجنة. فأخذ آدم كبشاً فذبحه، ثم أخذ صوفه، فغزلته حواء، ونسجه هو وحواء، فنسج آدم جبّة لنفسه وجعل لحواء درعاً وخماراً، فلبساه. وقد كانا اجتمعا بجمع، فسميت جمعاً. وتعارفا بعرفة، فسميت عرفة، وبكيا على ما فاتهما مائتي سنة. ولم يأكلا ولم يشربا أربعين يوماً. ثم أكلا وشربا، وهما يومئذ على نود الجبل الذي أهبط عليه آدم. ولم يقرب حواء مئة سنة، ثم قربها فبلغت، فحملت فولدت أول بطن: قابيل وأخته لتود توْأمته، ثم حملت فتلد هايل وأخته قليما توأمته. فلما بلغوا أمر الله آدم أن يزوج البطن الأول البطن الثاني، والبطن الثاني البطن الأول، يخالف بين البطنين في النكاح. وكانت أخت قابيل حسنة، وأخت هابيل قبيحة، فقال آدم لحواء الذي أُمر به، فذكرته لابنيها فرضي هابيل، وسخط قابيل وقال: لا والله، ما أمر الله بهذا قط. ولكن هذا عن أمرك يا آدم، فقال آدم: فقرِّبا قرباناً، فأيكما كان أحقّ بها أنزل الله عزّ وجلّ ناراً من السماء فأكلت قربانه. فرضيا بذلك، فغدا هابيل وكان صاحب ماشية بخير غذاء غنمه وزبد ولبن، وكان قابيل زراعاً، فأخذ طناً من شرّ زرعه ثم صعد الجبل، يعني: نود، وآدم معهما فوضعا القربان، ودعا آدم ربه، وقال قابيل في نفسه: لا أبالي أتُقُبِّل مني أم لا، لا ينكح هابيل أختي أبداً. فنزلت النار فأكلت قربان هابيل، وتجنبت قربان قابيل لأنه لم يكن زاكي القلب.

فانطلق هابيل، فأتاه قابيل وهو في غنمه، فقال: لأقتلنك. قال: لِمَ تقتلني؟! قال: لأن الله تقبل منك، وردّ علي قرباني، ونكحت أختي الحسنة، ونحكت أختك القبيحة. ويتحدث الناس بعد اليوم أنك كنت خيراً مني، فقال له هابيل: " لَئِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>