للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرفع أبو بكر أبياته إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال للعباس: أنت الذي يقول: أصبح نهبي ونهب العبيد بين الأقرع وعيينة؟ فقال أبو بكر: بأبي وأمي يا رسول الله ليس هكذا قال. قال: فكيف قال؟ قال: فأنشده أبو بكر كما قال عباس، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سواء، ما يضرك بدأت بالأقرع أم عيينة فقال أبو بكر: بأبي أنت وأمي، ما أنت بشاعر ولا راوية ولا ينبغي لك، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اقطعوا عني لسانه وأعطوه مئة من الإبل - ويقال: خمسين من الإبل - ففزع منها أناس وقالوا: أمر بعباس يمثل به.

دخل عمرو بن معدي كرب على عمر بن الخطاب فقال عمر: أخبرني يا عمرو من أشجع العرب؟ قال: كنا يا أمير المؤمنين ستة فرسان لا يعادلنا أحد من العرب، وكان أشجعنا العباس بن مرداس السلمي. قال: وكيف حكمت له بذلك وعلمته؟ قال: علمته بأشعار قلناها في حروبنا. قال: هات ما قلت أنت وما قال هؤلاء قال: قلت:

ولما رأيت الخيل زوراً كأنها ... جداول زرع خليت فاسبطرت

فجاشت إلي النفس أول مرة ... فردت إلى مكروها فاستقرت

ما جاشت نفسي يا أمير المؤمنين إلا من الجبن. وقال دريد بن الصمة:

ولقد أصرفها كارهة ... حين للنفس من الموت هرير

كلما ذلل عني خلق ... وبكل أنا في الروع جدير

ما هرّ من الموت إلا من الجبن. وقال عمرو بن الإطنابة:

وقولي كلما جشأت وجاشت ... مكانك تحمدي أو تستريحي

ما جشأت نفسه ولا جاشت إلا من الجبن. وقال عامر بن الطفيل:

أقول لنفسي لا يجاد بمثلها ... أقلي مراجاً إنني غير مدبر

ما مرجت نفسه يا أمير المؤمنين إلا من الجبن. وقال عنترة:

إذ يتقون بي الأسنة لم أخم ... عنها ولكني تضايق مقدمي

<<  <  ج: ص:  >  >>