للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القوم فقال: أعتقتها من أجل أن لطمها ابنك وليس لك خادم غيرها؟ قال: دعونا عنكم أيها القوم ليتنا نفلت كفافاً، لا لنا ولا علينا.

عن أبي مسلم الخولاني: أنه سمع مكفوفاً بالمدينة وهو يلعن عثمان وما ولد، فقال: يا مكفوف، ألعثمان تقولون هذا يا أهل المدينة؟! كنتم بين قاتل وخاذل فكلاً جزى الله شرأ. يا أهل المدينة، لأنتم شر من ثمود، إن ثموداً قتلوا ناقة الله وأنتم قتلتم خليفة الله، وخليفة الله أكرم على الله من ناقته. يا أهل المدينة، لو لم يكن في عثمان إلا أني رأيت في المنام كأن السماء، فإذا بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبو بكر عن يمينه وعمر عن يساره، وإذا بالسماء تقطر دماً وقائل يقول: هذا دم عثمان قتل مظلوماً.

مر بأبي مسلم الخولاني رجال من أهل المدينة قدموا من الحج وهو عند معاوية بدمشق، فخرج فلقيهم فقال لهم: هل مررتم بإخوانكم من أهل الحجر؟ قالوا: نعم. قال: فكيف رأيتم صنع الله بهم؟ قالوا: بذنوبهم. قال: أشهد أنكم عند الله مثلهم. قال: فدخلوا على معاوية فقالوا له: ما لقينا من هذا الشيخ الذي خرج من عندك؟! فبعث إليه فجاءه فقال: ما لك ولبني أخيك؟ قال: قلت لهم: مررتم على الحجر؟ قالوا: نعم فقلت: كيف رأيتم صنع الله بهم؟ فقالوا: صنع الله بهم بذنوبهم، فقلت: أشهد أنكم عند الله مثلهم. فقالوا: كيف يا أبا مسلم؟ قال: قتلوا ناقة الله وقتلتم خليفته، وأشهد على ربي لخليفته أكرم عليه من ناقته.

قال أبو مسلم الخولاني: مثل الإمام كمثل عين عظيمة صافية طيبة الماء، يجري منها إلى نهر عظيم فيخوض الناس النهر فيكدرونه، ويعود عليهم صفو العين، فإن كان الكدر من قبل العين فسد النهر. قال: ومثل الإمام العادل ومثل الناس كمثل فسطاط لا يستقم إلا بعمود، ولا يقوم العمود إلا بأطناب وأتاد، فكلما نزع وتد ازداد العمود وهناً، فلا يصلح الناس إلا بالإمام ولا يصلح الإمام إلا بالناس.

<<  <  ج: ص:  >  >>