للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالت: سمعته يقول: " أنا رسول الله حقاً " قال: ويحك! فإنه هذا خير لي من الدنيا وما فيها! فانطلق إليه من ليلته، فقرع الباب، فقال: " من هذا؟ " قال: أبو بكر، ففتح له الباب، ثم قال: " ما جاء بك هذه الساعة، فإني قد كنت أبتغيك ثلاث مرات؟ " قال: إني كنت مع ورقة بن نوفل، فعرض علي قراضاً، فقلت لزوجتي: سفرينا، قالت: وأين تريد؟ فقلت: قارضني ورقة بن نوفل على أن أخرج إلى الشام، قالت: أفلا أخبرك خبراً يسرك؟ فقال له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وما أخبرتك؟ " قال: أخبرتني أنك تقول: إني رسول الله. ثم انصرف من عنده مسروراً بما نال من الخير والإسلام، فأصبح، وجاء إليه ورقة بن نوفل بالمال ليدفع إليه، فقال له: يابن أخي، هذا المال، قال: وجدت تجارة خيراً من تجارتك، وربحاً خير من ربحك، قال: وما هو؟ قال: قال لي محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إني رسول الله " فصدقته وآمنت به، وشهدت أنه رسول الله، قال: فوالله لئن كنت صادقاً لا آكل ما ذبح على النصب، ولا ما ذبحت قريش لآلهتها، ولا ما ذبحت يهود لكنائسها، ولأستقبلن هذا البيت الحرام الذي أسسه إبراهيم وإسماعيل، ولا أزال أصلي أبداً، ولأحرمن ما ذبح لغير الله - عز وجل - فتوفي ورقة قبل أن يظهر أمره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وعن محمد بن إسحاق قال: ثم إن أبا بكر لقي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: أحق ما تقول قريش يا محمد من تركك آلهتنا، وتسفيهك عقولنا، وتكفيرك آباءنا، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إني رسول الله يا أبا بكر ونبيه، بعثني لأبلّغ رسالته، وأدعوك إلى الله بالحق، فوالله إنه للحق أدعوك إلى الله يا أبا بكر، وحده لا شريك له، ولا نعبد غيره، والموالاة على طاعته أهل طاعته " وقرأ عليه القرآن، فلم يقر، ولم ينكر، فأسلم، وكفر بالأصنام، وخلع الأنداد، وأقر بحق الإسلام، ورجع أبو بكر وهو مؤمن مصدق.

وابتدأ أبو بكر أمره، وأظهر إسلامه، ودعا الناس، وأظهر علي وزيد بن حارثة إسلامها، فكبُر ذلك على قريش، وكان أول من اتبع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خديجة بنت خويلد

<<  <  ج: ص:  >  >>