للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: فأفحم أبو جعفر من قوله، فقال الربيع: أيها الرجل، إنك قد عممت أمير المؤمنين! فقال الرجل: يا أمير المؤمنين، هذا صحبك عشرين سنةً لم يرَ لك عليه أن ينصحك يوماً واحداً، ولا عمل وراء بابك بشيءٍ من كتاب الله تبارك وتعالى، ولا بسنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأمر له المنصور بمالٍ، فقال: لو احتجت إلى مالك لما وعظتك.

عن عقبة بن هارون قال:

دخل عمرو بن عبيد على أبي جعفرٍ المنصور، وعنده المهدي، بعد أن بايع له ببغداد، فقال له: يا أبا عثمان، عظني، فقال: إن هذا الأمر الذي أصبح في يدك لو بقي في يد غيرك ممن كان قبلك لم يصل إليك، فأحذِّرك ليلةً تمخّض بيومٍ لا ليلة بعده.

عن إسحاق بن الفضل، قال: إني لعلى باب المنصور، وإلى جنبي عمارة بن حمزة إذا طلع عمرو بن عبيد على حماره، فنزل عن حماره، ونحى البساط برجله، وجلس دونه، فالتفت إلي عمارة، فقال: لا تزال بصرتكم، قد رمتنا بأحمق! فما فصل كلامه من فيه حتى خرج الربيع وهو يقول: أبو عثمان عمرو بن عبيد، قال: فوالله ما دل على نفسه حتى أرشد إليه، فاتكأ بيده ثم قال: أجب أمير المؤمنين، جعلني الله فداك، فمر متوكئاً عليه، فالتفت إلى عمارة، فقلت: إن الرجل الذي استحمقت قد دعي وتركنا! فقال: كثيراً ما يكون مثل هذا، فأطال اللبث، ثم خرج الربيع وعمرو متوكئاً عليه، وهو يقول: يا غلام، حمار أبو عثمان! فما برح حتى أقره على سرجه، وضم إليه نشر ثوبه، واستودعه الله، فأقبل عمارة على الربيع فقال: لقد فعلتم اليوم بهذا الرجل فعلاً لو فعلتموه بوليِّ عهدكم لكنتم قد قضيتم حقه! قال: فما غاب عنك والله مما فعله أمير المؤمنين أكثر وأعجب! قال: فإن اتسع لك الحديث فحدثنا فقال: ما هو إلا أن سمع أمير المؤمنين بمكانه، فما أمهل حتى أمر بمجلسٍ ففرش لبوداً، ثم

<<  <  ج: ص:  >  >>