للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قاعدوا أهل الدين، فإن لم تقدروا عليهم فقاعدوا أهل المروءات من أهل الدنيا، فإنهم في مجالسهم لايرفثون.

وقال عبد الواحد:

سألت الله ثلاث ليال أن يريني رفيقي في الجنة، فرأيت كأن قائلاً يقول: ياعبد الواحد، رفيقتك في الجنة ميمونة السوداء، فقلت: وأين هي؟ قال: في آل فلان بالكوفة، قال: وخرجت إلى الكوفة، فسألت عنها، فقيل: هي مجنونة بين ظهرانينا ترعى غنيمات، فقلت: أريد أن أراها، قالوا: اخرج إلى الجبان، فخرجت، وإذا بها قائمة تصلي، وإذا بين يديها عكازة لها، فإذا عليها جبة من صوف، عليها مكتوب: لاتباع ولاتشترى، وإذا الغنم مع الذئاب، لا الذئاب تأكل الغنم، ولا الغنم تفزع من الذئاب، فلما رأتني أوجزت في صلاتها، ثم قالت: ارجع يابن زيد، ليس الموعد هاهنا، إنما الموعد ثم. فقلت لها: رحمك الله، ما يعلمك أنن ابن زيد؟ فقالت: أما علمت أن الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وماتناكر منها اختلف. فقلت لها: عظيني، فقالت: واعجبا لواعظ يوعظ! فقلت لها إني أرع هذه الذئاب مع الغنم، لا الغنم تفزع من الذئاب، ولا الذئاب تأكل الغنم، فأيش هذا؟! قالت: إليك عني؛ فإني أصلحت ما بين وبين سيدي فأصلح بين الذئاب والغنم.

خطب عبد الواحد بن زيد رابعة، فحجبته أياماً، ثم أذنت له، فلما دخل قالت له: يا شهواني، أي شيء رأيت من آلة الشهوة في؟! ألا خطبت شهوانية مثلك؟! وقيل إنه صلى الغداة بوضوء العتمة أربعين سنة " ووقف على قبرٍ فقال: من الطويل

وبينا تراه في سرور وغبطة ... إذا هاتف من هاجس الموت قد هتف

فتلقاه مكروبا كثيرا غمومه ... أخا أسفٍ لو كان ينفعه الأسف

فيا عجبا ممن يسر بدهره ... وقد بصر الأنباء فيه وقد عرف

مات عبد الواحد بن زيد سنة سبعٍ وسبعين ومائة.

<<  <  ج: ص:  >  >>