للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما كان من الغد دعاني في مثل ذلك الوقت وهو قاعد في ذلك الموضع، فقال: عطرد؟ قلت: لبيك يا أمير المؤمنين. قال: غنني، فغنيته: من الطويل

أيذهب عمري هكذا لم أنل به ... مجالس تشفي قرح قلبي من الوجد

وقالوا: تداو إن في الطب راحةً ... فعزّيت نفسي بالدواء فلم يجدي

فلم يتكلم حتى شق بردة عليه مثل البردة الأمسيّة، فخرج منها، فرمى بنفسه في البركة، فعلّ منها حتى تبينت النقصان، فأخرج ميتاً سكراً، وضممت البردة إليّ فما قيل لي: خذ ولا دع. وانصرفت إلى منزلي.

فلما كان اليوم الثالث دعاني؛ فدخلت إليه وهو في بهو قد كفت ستوره، فكلمني من وراء الستر، فقال: يا عطرد؟ قلت: لبيك يا أمير المؤمنين، قال: كأني بك الآن وقد أتيت المدينة فقلت: دعاني أمي المؤمنين فدخلت عليه ففعل وفعل، يا بن الفاعلة، لئن تكلمت شفتاك بشيء مما كان لأطرحنّ الذي فيه عيناك، يا غلام أعطه خمس مئة، الحق بالمدينة. قلت: أفلا يأذن لي أمير المؤمنين فأقبل يده، وأتزود نظراً إلى وجهه؟ قال: لا.

قال عطرّد: فخرجت فما تكلمت بشيء من هذا حتى دخلت الهاشمية.

جاء سليمان بن عياش القرشي فاستفتح عليه، فخرج إليه فقال سليمان: من الكامل

إني غدوت إليك من أهلي ... في حاجة يغدو لها مثلي

لا طالباً شيئاً إليك سوى ... حيّ الحمول بجانب العزل

فقال: نعم حباً وكرامة. ثم أدخله منزله فغناه له.

<<  <  ج: ص:  >  >>