للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال رجاء: وثقل سليمان، وحجب النّاس عنه حتى مات؛ فلمّا مات أجلسته وأسندته وهيّأته، وخرجت إلى النّاس، فقالوا: كيف أصبح أمير المؤمنين؟ فقلت: إن أمير المؤمنين أصبح ساكناً؛ وقد أحبّ أن تسلّموا عليه، وتبايعوا على ما في هذا الكتاب، والكتاب بين يديه. قال: فأذنت للنّاس فدخلوا وأنا قائم عنده؛ فلمّا دنوا قلت: إن أميركم يأمركم بالوقوف؛ ثم أخذت الكتاب من عنده ثم تقدّمت إليهم فقلت: إن أمير المؤمنين يأمركم أن تبايعوا على ما في هذا الكتاب. قال: فبايعوا، وبسطوا أيديهم؛ فلمّا بايعتهم على ما فيه أجمعين وفرغت من بيعتهم قلت لهم: آجركم الله في أمير المؤمنين. قالوا: فمن؟ فافتتح الكتاب فإذا فيه العهد لعمر بن عبد العزيز، فلمّا نظرت بنو عبد الملك تغيّرت وجوههم، فلمّا قرؤوا من بعده يزيد بن عبد الملك كأنهم تراجعوا؛ فقالوا: أين عمر بن عبد العزيز؟ فطلبوه فلم يوجد في القوم. قال: فنظروا فإذا هو في مؤخر المسجد. قال: فأتوه، فسلّموا عليه بالخلافة، فعقر فلم يستطع النّهوض حتى أخذوا بضبعيه، فرقوا به المنبر، فلم يقدر على الصّعود حتى أصعدوه، فجلس طويلاً لايتكلّم، فلمّا رآهم رجاء جلوساً قال: ألا تقومون إلى أمير المؤمنين فتبايعونه؟ قال: فنهض القوم إليه فبايعوه رجلاً رجلاً. قال: فمدّ يده إليهم. قال: فصعد إليه هشام فلمّا مدّ يده إليه قال هشام: " إنّا لله وإنّا إليه راجعون " فقال عمر: نعم " إنّا لله وإنّا إليه راجعون " حين صار يلي هذا الأمر أنا وأنت. قال: ثم قام عمر فحمد الله وأثنى عليه، وقال: أيّها النّاس إنّي لست بقاض ولكنّي منفّذ، ولست بمبتدع ولكنّي متّبع، وإن حولكم من الأمصار والمدن فإن هم أطاعوا كما أطعتم فأنا واليكم، وإن هم نقموا فلست لكم بوال. ثم نزل يمشي؛ فأتاه صاحب

<<  <  ج: ص:  >  >>