للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال سفيان بن عيينة: لمّا ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة بعث إلى محمد بن كعب، وإلى رجاء بن حيوة، وإلى سالم بن عبد الله. قال: فحضروا؛ فقال لهم: قد ترون ما قد ابتليت به وما قد نزل بي، فما عندكم؟ فقال محمد بن كعب: يا أمير المؤمنين، اجعل النّاس أصنافاً ثلاثةً؛ اجعل الشّيخ أباً، والنّصف أخاً، والشّاب ولداً؛ فبّر أباك، وصل أخاك، وتعطّف على ولدك.

وقال رجاء بن حيوة: ما تقول يا رجاء؟ فقال: يا أمير المؤمنين، ارض للنّاس ما ترضى لنفسك، وما كرهت أن يؤتى إليك فلا تأته إليهم، واعلم أنك لست أوّل خليفة يموت.

وقال لسالم بن عبد الله: ما عندك يا سالم؟ قال: يا أمير المؤمنين، اجعل الأمر يوماً واحداً صرفته عن شهوات الدّنيا، آخر نظرك فيه الموت، فكأن قد.

فقال عمر: لا حول ولاّ قوة إلاّ بالله.

عن مغيرة، قال: كان لعمر بن عبد العزيز سمار يستشيرهم فيما يرفع إليه كم أمور النّاس، وكان علامة ما بينه وبينهم إذا أحبّ أن يقوموا قال: إذا شئتم. قال حنبل: رأيت أبا عبد الله أحمد فعل ذلك إذا أراد القيام قال: إذا شئتم.

وعن السّريّ بن يحيى: أن عمر بن عبد العزيز حمد الله، ثم خنقته العبرة، ثم قال: أيّها النّاس؛ أصلحوا آخرتكم تصلح لكم دنياكم، وأصلحوا سرائركم تصلح لكم علانيتكم؛ والله إن عبداً ليس بينه وبين آدم أب إلاّ قد مات إنه لمعرق له في الموت.

وعن عبد الله بن شوذب، قال: خطب عمر بن عبد العزيز، فقال: كم من عامر موثق عمّا قليل يخرب، وكم من مقيم مغتبط عما قليل يظعن، فأحسنوا رحمكم الله منها الرّحلة بأحسن ما يحضركم من النّقلة؛ بينا ابن آدم في الدّنيا ينافس فيها قرير العين قانعاً، إذ دعاه الله بقدره ورماه

<<  <  ج: ص:  >  >>