للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما جعل الحبل وانتقاصه مثالاً لانحلال بدنه وانتقاص قواه. وقوله: أجم النّساء؛ أي ملّهنّ وعافهنّ كما يعاف الطّعام؛ ويقال: أجمت اللّحم، إذا أكثرت منه تعافه.

وقوله: قلّ انحياشه؛ أي حركته ونصرته في الأمور، إلاّ أن الحركة الضروريّة بالارتعاش قد كثرت منه وغلبت عليه. والسّبات: نوم المريض والشّيخ المسنّ، وهو الغشية الخفيقة؛ يقال: سبت الرّجل فهو مسبوت؛ ويقال: إنه مأخوذ من السّبت وهو القطع، وذلك لأنه سريع الانقطاع؛ ويقال: إنّما سمّي آخر أيّام الجمعة سبتاً لانقطاع الأيّام عنه، وذلك أن أوّلها يوم الأحد؛ والسّبت أيضاً: السّير السّريع. قال الشاعر: من الطويل

ومطويّة الأقراب أمّا نهارها ... فسبت وأمّا ليلها فذميل

والخفات: ضعف الحسّ؛ يريد أنه لا يدرك الصّوت إلاّ كهيئته السّرار، والخفوت: خفض الصوت، ومنه المخافتة في الكلام. قال الله تعالى: " ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها ". وإنّما قيل للميّت: خافت، لانقطاع صوته؛ والخفات من خفت بمنزلة الصّمات من صمت، والسّكات من سكت.

وقوله: وليله هبات؛ فإن الهبات من الهبت، وهو اللّين والاسترخاء، ويقال: في فلان هبتة أي ضعف عقل؛ وقد هبت السّحاب إذا أرخت عزاليها، وقال الشاعر: من البسيط

سقيا مجلجلة ينهل وابلها ... من باكر مستهل الودق مهبوت

كأنه يريد أن نومه باللّيل إنّما هو بقدر أن تسترخي أعضاؤه من غير أن يستغرق نوماً؛ ولو قيل: وليلة هبّات، من هبّ النّائم من نومه، كان جيداً؛ إلاّ أن الرّواية متّبعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>