للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنشد علي بن القاسم النحوي لأبي دلف في اللحية الطويلة: " من الكامل "

لا تفخرن بلحية ... كثرت منابتها طويلة

يهوي بها عصف الريا ... ح كأنها ذنب الفتيلة

قال سعيد بن حميد: كان ابن أبي دؤاد قد اصطنع أبا دلف واختلسه بحيلة، واختلسه من يد الإفشين، وقد دعا بالسيف ليقتله، فكان أبو دلف يصير إليه كل يوم ليشكره، وكان ابن أبي دؤاد يقول به، ويصفه. فقال له المعتصم: إن أبا دلف حسن الغناء، جيد الضرب بالعود، فقال: يا أمير المؤمنين، القاسم في شجاعته وبيته في العرب يفعل هذا؟؟؟! قال: نعم، وما هو هذا؟ هو أدب زائد فيه. فكأن ابن أبي دؤاد عجب من ذاك، فأحب المعتصم أن يسمعه ابن أبي دؤاد، فقال له: يا قاسم غنني، فقال: والله ما أستطيع ذلك، وأنا أنظر إلى أمير المؤمنين هيبة له وإجلالاً، فقال: لابد من ذلك. وأجلس من وراء ستارة، فكان ذلك أسهل عليه، فضربت ستارة، وجلس أبو دلف خلفها يغني. ووجه المعتصم إلى ابن أبي دؤاد، فحضر، واستدناه وجعل أبو دلف يغني، وأحمد يسمع، ولا يدري من يغني. فقال له المعتصم: كيف تسمع هذا الغناء يا أبا عبد الله؟ قال: أمير المؤمنين أعلم مني، ولكني أسمع حسناً. فغمز المعتصم غلاماً، فهتك الستارة، وإذا أبو دلف. فلما رأى المعتصم، وابن أبي دؤاد وثب قائماً، وأقبل على ابن أبي دؤاد فقال: إني أجبرت على هذا، فقال: لولا دربتك في هذا من أين كنت تأتي بمثل هذا؟! هبك أجبرت على أن تغني من أجبرك على أن تحسن؟!

مات القاسم بن عيسى أبو دلف العجلي ببغداد في سنة خمس وعشرين ومائتين.

<<  <  ج: ص:  >  >>