للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد كنت أبكي والنوى مطمئنة ... بنا وبكم من علم ما البين صانع

وأهجركم هجر البغيض وحبكم ... على كبدي منه شؤون صوادع

وأعجل بالإشفاق حتى يشفني ... مخافة شعب الدار والشمل جامع

قال أيوب بن عباية:

خرج قيس بن ذريح إلى المدينة يبيع ناقة له، فاشتراها زوج لبنى، وهو لا يعرفه، فقال له: انطلق معي أعطك الثمن، فمضى معه، فلما فتح الباب فإذا لبنى قد استقبلت قيساً، فلما رآها ولى هارباً، وخرج الرجل في أثره بالثمن ليدفعه إليه، فقال له قيس: لا تركب لي والله مطيتي أبداً، قال: وأنت قيس بن ذريح؟ قال: نعم، قال: هذه لبنى قد رأيتها، تقف حتى أخيرها، فإن اختارتك طلقتها - وظن القرشي أن له في قلبها موضعاً، وأنها لا تفعل - فقال له قيس: أفعل. فدخل القرشي عليها، فخيرها، فاختارت قيساً، فطلقها، وأقام قيس ينتظر انقضاء العدة - وفي رواية: عدتها - ليتزوجها، وماتت في العدة.

وفي خبر آخر أن ابن أبي عتيق رأى قيساً، فسأله عن حاله، فقص عليه قصته، قال: انطلق إلى المنزل، فانطلق معه، فأقام ليلته عنده يحدثه بأمره وعشقه، وينشده، فلما أصبح ابن أبي عتيق ركب، فأتى عبد الله بن جعفر، فقال: جعلني الله فداك، اركب معي في حاجة لي، فركب، واستنهض معه ثلاثة، أو أربعة من قريش، فمضى بهم، لا يدرون ما يريد حتى أتى باب زوج لبنى، فاستأذن عليه، فخرج، فإذا وجوه قريش، فقال: جعلني الله فداكم، ما جاء بكم؟ قالوا: حاجة لابن أبي عتيق، استعان بنا عليك فيها، فقال: اشهدوا أن حكمه جائز، فقالوا لابن أبي عتيق: أخبره بحاجتك؟ فقال: اشهدوا أن امرأته لبنى طالق ثلاثاً، فأخذ عبد الله بن جعفر برأسه، ثم قال: لهذا جئت بنا؟ قبحك الله، وقبح رأيك! فقال: جعلت فداكم، يطلق هذا امرأته ويتزوج أخرى خير من أن يموت مسلم. فقال عبد الله بن جعفر: أما إذ فعل ما أفعل

<<  <  ج: ص:  >  >>