للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاشهدوا أن له عندي عشرة آلاف درهم، فقال ابن أبي عتيق: والله ى أبرح حتى ينقل متاعها، ففعلت، وأقامت في أهلها حتى انقضت عدتها، فأتى قيس أباها، فسأله أن ينكحه إياها، فأبى عليه، فمشى إليه قوم من أهلها، وسألوه، وقالوا: قد علمت ما لكل واحد منهما ففي قلب صاحبه، فزوجه إياها، فمكثا عمراً من دهرهما بأنعم عيش.

قال أحمد بن هود: أمرت لبنى لها، فاشترى لها أربع غربان، فلما رأتهن بكت، وصرخت، وكتفتهن، وجعلت تضربهن بالسوط حتى متن جميعاً، وجعلت تقول بأعلى صوتها: " من الوافر "

لقد نادى الغراب ببين لبنى ... فطار القلب من حذر الغراب

فقال غداً تباعد دار لبنى ... وتنأى بعد ود واقتراب

فقلت نعيت ويحك من غراب ... أكل الدهر سعيك في تباب

لقد أولعت لا لقيت خيراً ... بتفريق المحب عن الحباب

فدخل زوجها، فرآها على تلك الحال، فقال: ما دعاك إلى ما أرى؟ قالت: دعاني ابن عمي وحبيبي قيس، أمرهن بالوقوع، فلم يقعن، حيث يقول: " من الطويل "

ألا يا غراب البين قد طرت بالذي ... أحاذر من لبنى فهل أنت واقع

فآليت ألا أظفر بغراب إلا قتلته. قال: فغضب وقال: لقد هممت بتخلية سبيلك! فقالت: لوددت أنك فعلت وأني عمياء، فوالله ما تزوجتك رغبة فيك، ولقد كنت آليت ألا أتزوج بعد قيس أبداً، ولكن غلبني أبي على أمري.

أنشد إبراهيم بن أحمد بن أحمد الشيباني لقيس بن ذريح: " من الطويل "

وددت من الشوق الذي بي أنني ... أعار جناحي طائر فأطير

فما في نعيم بعد فقدك لذة ... ولا في سرور لست فيه سرور

وإن امرأ في بلدة نصف نفسه ... ونصف بأخرى إنه لصبور

<<  <  ج: ص:  >  >>