للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على عمر بن المنكدر، فأعطاه، فأبى أن يقبله؛ فقال: هذا أبى، فمن بعده؟ فدلوه على أبي بكر بن المنكدر، فأعطاه فأبى أن يقبل؛ قال: فمن بعدهما؟ قالوا: محمد بن المنكدر؛ قال: فأتاه فأبى أن يقبل؛ فقال الرجل: يا أهل المدينة إن استطعتم أن يلدكم كلكم المنكدر فافعلوا.

قال محمد بن المنكدر: بات أخي عمر يصلي الليل، وبت أغمز قدمي أمي، فما يسرني أن ليلتي ليلته.

قال: ودخل أعرابي المدينة فرأى حال بني المنكدر، وموقفهم من الناس، وفضلهم، ثم خرج فسأله رجلٌ: كيف تركت أهل المدينة؟ قال: بخيرٍ، وإن استطعت أن تكون من آل المنكدر فكن.

وكان محمد بن المنكدر يضع خده على الأرض، ثم يقول لأمه: يا أمه قومي ضعي قدمك على خدي.

قال ابن المنكدر: لا تمازح الصبيان فتهون عليهم، ويستخفون بك.

قال عمر بن عبد العزيز لمحمد بن المنكدر: أي الخصال أوضع للمرء؟ قال: كثرة كلامه، وإذاعته أسراره، وثقته بكل أحدٍ.

تبع محمد بن المنكدر جنازة رجلٍ كان يسفه بالمدينة، فعوتب في ذلك، وقيل له: أمثلك يحضر جنازة مثل هذا؟ فقال: إني لأستحيي من الله أن يراني أرى رحمته عجزت عن أحدٍ من خلقه.

قيل لمحمد بن المنكدر: أتصلي على فلان وكان لا يدع لله محرماً إلا انتهكه؟ فقال: إني لأستحيي من الله أني أرى أن رحمته لا تسع فلاناً.

خرج قومٌ غزاةً، وخرج معهم محمد بن المنكدر، وكانت صائفةً؛ فبينا هم يسيرون في الساقة قال رجل منهم: أشتهي جنباً طرياً فقال محمد بن المنكدر: استطعموا الله يطعمكم، فإنه القادر؛ فدعا القوم فلم يسيروا إلا قليلاً حتى وجدوا مكتلاً مخيطاً، كأنما أتي

<<  <  ج: ص:  >  >>