للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القيد في رجله قد شد إلى خشبةٍ في الأرض، فأمنت عند ذلك غائلته؛ فقال لي: يا أبا العباس، صن نفسك عن الدخول إلى هذه المواضع، فليس يتهيأ لك في كل وقتٍ أن تصادف مثلي على مثل هذه الحال الجميلة، أنت المبرد، أنت المبرد؛ وجعل يصفق وقد انقلبت عينه وتغيرت خلقته؛ فبادرت مسرعاً خوفاً من أن تبدر منه بادرةٌ، وقبلت قوله ولم أعاود الدخول إلى مخيس ولا غيره.

أنشد أحمد بن أبي طاهر لنفسه في المبرد: من الطويل

ويومٍ كحر الشوق في الصدر والحشا ... على أنه منه أحر وأرمد

ظللت به عند المبرد ثاوياً ... فما زلت في ألفاظه أتبرد

ومن شعر المبرد: من الخفيف

لم أعاتبك بل مدحتك في الشع ... ر ويكفيك مدحتي عن عتابي

أي عارٍ عليك أعظم من مد ... حٍ إذا لم يكافه بثواب

قال أحمد بن مروان: أنشدنا المبرد: من الوافر

إذا اعتذر الصديق إليك يوماً ... من التقصير عند أخٍ مقر

فصنه عن عتابك واعف عنه ... فإن الصفح شيمة كل حر

قال: وأنشدني: من الطويل

تعودت مس الضر حتى ألفته ... وأحوجني طول العزاء إلى الصبر

إذا أنا لم أقبل من الدهر كل ما ... تكرهت منه طال عتبي على الدهر

قال: وأنشدنا محمد بن يزيد: من الكامل

بادر هواك إذا هممت بصالحٍ ... وتجنب الأمر الذي يتجنب

واعمل لنفسك في زمانك صالحاً ... إن الزمان بأهله يتقلب

واحذر ذوي الملق اللئام فإنهم ... في النائبات عليك ممن يخطب

<<  <  ج: ص:  >  >>