للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشفاء، وتستوصف له الأطباء لم تسعف له بطلبتك، مثلت له الدنيا بعيبها، وبمصرعه مصرعك غداً، لا يغني بكاؤك ولا ينفعك أحباؤك.

ثم انصرف إلى القبور فقال: يا أهل القبور، يا أهل الضيق والوحدة، يا أهل الغربة والوحشة؛ أما الدور فقد سكنت، وأما الأموال فقد قسمت، وأما الأزواج فقد نكحت؛ فهذا خبر ما عندنا، فما خبر ما عندكم؟ ثم التفت إلى أصحابه فقال: أما على ذلك فلو أذن لهم في الجواب لأجابوا: إن خير الزاد التقوى.

[المسلم بن هبة الله بن مختار]

أبو الفتح الكاتب ألف رسالة في تفضيل دمشق على غيرها من البلاد، ذكر فيها بعض خواصها وبعض ما قالت الشعراء في وصفها، ولم يبلغ في ذلك كنه حقها ولم يوفها؛ فقال في أثناء الرسالة: ومن صفتها - وأظن هذه الأبيات له -: " من مجزوء الكامل "

دمن كأن رياضها ... يكسين أعلام المطارف

وكأنما نوارها ... يهتز بالريح العواصف

طرر الوصائف يلتفت ... ن بها إلى طرر الوصائف

وكأنما غدرانها ... فيها عشور في مصاحف

ثم قال بعد أوراق: ولقد سافرت عن دمشق دفعات، فكان إنشادي: " من الطويل "

وما ذقت طعم الماء إلا وجدته ... كأن ليس بالماء الذي كنت أعرف

ولا سر صدري مذ تناءت بي الهوى ... أنيس ولا مال ولا متصرف

ولم أحضر اللذات إلا تكلفاً ... وأي سرور يقتضيه التكلف

مات أبو الفتح في سنة ستين وأرعمئة على ما بلغني.

<<  <  ج: ص:  >  >>