للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يشاء، بيده الخير وهو على كل شيء قدير، ألا وإنه لم يذلل من كان الحق معه وإن كان فرداً، ولم يعز الله من كان من أولياء الشيطان وحزبه وإن كان معه الناس طراً، إنه أتانا خبر من قبل العراق أحزننا وأفرحنا، قتل مصعب بن الزبير رحمة الله عليه؛ فأما الذي أحزننا من ذلك قإن لفراق الحميم لوعة يجدها له حميمة عند المصيبة له، ثم يرعوي بعدها ذو الرأي إلى جميل الصبر وكريم العزاء؛ وأما الذي أفرحنا له فإنا قد علمنا أن قتله له شهادة، وأن الله جعل ذلك لنا وله خيرة، ألا إن أهل العراق أهل الغدر والنفاق أسلموه وباعوه بأقل ثمن كانوا يأخذونه منه إسلام النعام المخطم فقتل؛ وإن يقتل مصعب فقد قتل أبوه وأخوه وعمه وخاله، وكانوا الخيار الصالحين، إنا والله ما نموت حبجاً، ما نموت إلا قتلاً قتلاً، قعصاً بالرماح وموتاً تحت ظلال السيوف.

ثم قال: ألا إن الدنيا عارية من الملك إلا على الذي لا يزول سلطانه ولا يبيد، فإن تقبل علي الدنييا لا آخذها أخذ الأشر البطر، وإن تدبر عني لا أبكي عليها بكاء الخرف المهتر. ثم نزل.

قوله: أخوه، يعني المنذر بن الزبير، وعمه، يعني السائب بن العوام قتل يوم اليمامة شهيداً. وخاله، ويعني خال أبيه حمزة بن عبد المطلب.

عن الزبير بن خبيب، قال: قام عبد الله بن الزبير بعد المقام الذي نعى فيه بمصعب لقد صبت بأبي الزبير. فظننت أن لا أجتبرها، ثم استمرت مريرتي، وما كنت خلواً من مصيبة عثمان، وما كان مصعب إلا فتى من فتياني؛ ثم جعل يرد البكاء وإنه ليغلبه، ويقول: " من الطويل "

هم دفعوا الدنيا على حين أعرضت ... كراماً وسنوا للكرام التأسيا

قتل مصعب سنة إحدى وسبعين،، وقيل: سنة اثنتين وسبعين، يوم الخميس للنصف من جمادى الأولى، وقتل معه ابنه عيسى.

<<  <  ج: ص:  >  >>