للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النور، فلم يحس به، فقال عند ذلك: رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي. فعرف الله منه الندامة، فرد عليه النور في قلبه وغفر له، إنه هو الغفور الرحيم.

وكان موسى بعد ذلك خائفاً وجلاً، حتى جاءته النبوة، فأوحى الله إليه: لو أن النسمة التي قتلتها أقرت لي ساعة من نهار أني خالقها ورازقها لأذقتك طعم العذاب، ولكنها لم تقر لي ساعة من نهار أني خالقها ورازقها، فقد غفرت لك. فاطمأن بعد ذلك.

وعن ابن عباس:

في قوله عز وجل: " وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى " قال: جاء خربيل بن نوحابيل خازن فرعون، وكان مؤمناً يكتم إيمانه مئة سنة، وكان هو حاضر فرعون حين ائتمروا في قتل موسى. قال: فخرج فأخذ طريقاً آخر، فأخبر موسى بما ائتمروا من قتله، وأمره بالخروج وقال: " إني لك من الناصحين " فخرج موسى على وجهه، فمر براعي، فألقى كسوته واخذ منه جبة من صوف بغير حذاء ولا رداء، فمضى " خائفاً يترقب " يخاف فرعون، وهو يتحسس الأخبار ولا يدري أين يتوجه، ولا يعرف الطريق إلا حسن ظنه بربه، فذلك قوله: " عسى ربي أن يهديني سواء السبيل " فهيأ الله تعالى له قصد السبيل - يعني الطريق إلى المدينة الذي قضى عليه، وما هو كائن من أمره. فخرج نحو مدين بغير زاد ولا ظهر، قال: " رب نجني من القوم الظالمين " فتعسف الطريق يأخذ يميمناً وشمالاً، يأكل النبت من الأرض وورق الشجر حتى تشقق شدقاه، وكان يرى خضرة النبت بين جلده وأمعائه، فأصابه

<<  <  ج: ص:  >  >>