للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما عزل النعمان بن بشير عن الكوفة وولاه معاوية حمص، وفد عليه أعشى همدن، قال: ما أقدمك أبا المصبح؟ قال: جئت لتصلني، وتحفظ قرابتي، وتقضي ديني.

فأطرق النعمان، ثم رفع رأسه، ثم قال: والله ما من شيء، ثم قال: هه، كأنه ذكر شيئاً، فقام، فصعد المنبر فقال: يا أهل حمص - وهم يومئذ في الديوان عشرون ألفاً - هذا ابن عم لكم من أهل القرآن والشرف، قدم عليكم يسترفدكم، فما ترون فيه؟ قالوا: أصلح الله الأمير، احتكم له، فأبى عليهم، قالوا: فإنا قد حكما له على أنفسنا من كل رجل في العطاء بدينارين دينارين، فعجلها له من بيت المال، فعجل له أربعين ألف دينار، فقبضها، ثم أنشأ يقول: " من الطويل "

فلم أر للحاجات عند انكماشها ... كنعمان أعني ذا الندى ابن بشير

إذا قال أوفى بالمقال ولم يكن ... كمدل إلى الأقوام حبل غرور

متى أكفر النعمان لا أك شاكراً ... وما خير من لا يقتدي بشكور

ولما عزل النعمان بن بشير عن الكوفة وولاه معاوية حمص، وفد عليه أعشى همدان، قال: ما أقدمك أبا المصبح؟ قال: جئت لتصلني، وتحفظ قرابتي، وتقضي ديني.

فأطرق النعمان، ثم رفع رأسه، ثم قال: والله ما من شيء، ثم قال: هه، كأنه ذكر شيئاً، فقام، فصعد المنبر فقال: يا أهل حمص - وهم يومئذ في الديوان عشرون ألفاً - هذا ابن عم لكم من أهل القرآن والشرف، قدم عليكم يسترفدكم، فما ترون فيه؟ قالوا: أصلح الله الأمير، احتكم له، فأبى عليهم، قالوا: فإنا قد حكمنا له على أنفسنا من كل رجل في العطاء بدينارين دينارين، فعجلها له من بيت المال، فعجل له أربعين ألف دينار، فقبضها، ثم أنشأ يقول: " من الطويل "

فلم أر للحاجات عند انكماشها ... كنعمان أعني ذا الندى ابن بشير

إذا قال أوفى بالمقال ولم يكن ... كمدل إلى الأقوام حبل غرور

متى أكفر النعمان لا أك شاكراً ... وما خير من لا يقتدي بشكور

وعن النعمان قال وهو على المنبر: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إن للشيطان مصالي وفخوخاً، وإن من مصاليه وفخوخه البطر بنعم الله، والفخر بعطاء الله، والكبر على عباد الله، واتباع الهوى في غير ذات الله ".

وعن النعمان قال: الهلكة كل الهلكة أن تعمل بالسيئات في أزمان البلاء.

وعن جبير بن نضير: أنه أتي بيت المقدس يريد الصلاة فيه، فجلس إلى رجل قد اجتمع الناس عليه، فقال: من الرجل؟ فقلت: رجل من أهل حمص، قال: كيف وجدتم إمارة النعمان بن بشير؟ فذكرت خيراً.

قال: إذا أتيته فاقره مني السلام، وقل له: إن فضالة بن عبيد يقول لك: قوله لك، وقولك له، فقلت: ما أدري ما هذا! قال: إني سأبينه لك:

<<  <  ج: ص:  >  >>