للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جبريل، فغته غتاً شديداً، فقال: اقرأ، فقال نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما أرى شيئاً أقرؤه، وما أقرأ وما أكتب، فقال له جبريل - وأجلسه على بساط كهيئة الدرنوك -: " اقرأ باسم ربك " إلى " ما لم يعلم " لا تخف يا محمد، فإنك رسول الله، ثم انصرف.

وأقبل على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ همه، فقال: كيف أصنع؟ وكيف أقول لقومي، ثم قام، وهو خائف.

فأتاه جبريل من أمامه في صورة نفسه، فأبصر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمراً عظيماً ملأ صدره، فقال له جبريل: لا تخف يا محمد، جبريل، جبريل رسول الله إلى أنبيائه ورسله، فأيقن بكرامة الله، فإنك رسول الله، ثم انصرف جبريل.

وأقبل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ راجعاً، فلما انتهى إلى خديجة أبصرت ما بوجهه من تغير لونه، فأفزعها ذلك، فجعلت - رضي الله عنها - تمسح عن وجهه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وتقول: يا بن عبد الله، لقد أصابك اليوم أمر أفزعك، يا بن عبد الله، لعله كبعض ما كنت ترى وتسمع قبل اليوم.

وكان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد سمع الصوت مراراً، وأبصر الضوء، وسمع البشرى، فإذا سمع بذلك بأرض الفلاة أقبل مذعوراً، فقص ذلك على خديجة.

فلما رأت خديجة أنه لا يحير إليها شيئاً أشفقت، فقالت: يا بن عبد الله، مالك لا تكلم؟ قال: يا خديجة أرأيت الذي كنت أخبرتك أني أرى في المنام، والصوت الذي كنت أسمع في البقظة، والصوت الذي كنت أهال منه؟ فإنه جبريل قد استعلن لي، وكلمني، وأقرأني كلاماً فزعت منه، ثم عاد إلي فبشرني، وأخبرني أنني نبي هذه الأمة، وأقبلت راجعاً، فمررت على شجر وحجارة وهن يسجدن لي، فقلن: السلام عليك يا رسول الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>