للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال له: أنت أشعر في هذا من أبي تمام، فقال: كلا والله، ذاك الرئيس الأستاذ، والله ما أكلت الخبز إلا به، فقال له المبرد: يا أبا الحسن تأبى إلا شرفاً من جميع جواباتك.

قال البحتري: أنشدت أبا تمام يوماً شيئاً من شعري، فأنشد بيت أوس بن حجر: " من الطويل "

إذا مقرم منا ذرا حد نابه ... تخمط منا ناب آخر مقرم

وقال: نعيت إلي نفسي، فقلت: أعيذك بالله، فقال: إن عمري ليس يطول وقد نشأ مثلك بطيئ، أما علمت أن خالد بن صفوان المنقري رأى شبيب بن شبة، وهو من رهطه يتكلم؛ فقال: يا بني نعى نفسي إحسانك في كلامك؛ لأنا أهل بيت، ما نشأ فينا خطيب إلا مات من قبله.

فمات أبو تمام بعد سنة من قوله هذا.

قال البحتري: أنشدت أبا تمام شعراً لي في بعض بني حميد، وصلت به إلى " مال له خطر ". فقال لي: أحسنت، أنت أمير الشعر بعدي. فكان قوله هذا أحب إلي من جميع ما حويته.

أنشد رجل أبا العباس ثعلباً قول البحتري: " من الكامل "

وإذا دجت أقلامه ثم انتحت ... برقت مصابيح الدجى في كتبه

باللفظ يقرب فهمه في بعده ... منا ويبعد نيله في قربه

حكم سحائبها خلال بنانه ... هطالة وقليبها في قلبه

كالروض مختلفاً بحمرة نوره ... وبياض زهرته وخضرة عشبه

وكأنها والسمع معقود بها ... شخص الحبيب بدا لعين محبه

<<  <  ج: ص:  >  >>