للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أرأيت أبا سفيان؟ قال: نعم، رأيته حين تزوج هنداً، فأطعمنا في أول يوم لحم جزور، وسقانا خمراً، وفي اليوم الثاني لحم غنم وسقانا نبيذاً، وفي اليوم الثلث لحم طير وسقانا عسلاً، وإن كانت لذوات أزواج، فقال معاوية: كلهم كان كريماً.

قال أبو هريرة: رأيت هنداً بمكة كأن وجهها فلقة قمر، وخلفها من عجيزتها مثل الرجل الجالس، ومعها صبي يلعب. فمر رجل، فنظر إليه، فقال: إني لأرى غلاماً إن عاش ليسودن قومه، فقالت هند: إن لم يسد إلا قومه فأماته الله. وهو معاوية بن أبي سفيان.

سافر أبو سفيان سفراً أضرت به الغربة، فاشترى جارية، فبلغ ذلك هنداً، فوجدت عليه، وكتبت إليه:

يا قليل الوفاء ما كان فيما ... كان منا إليك ما ترعانا

كيف يبقى لك الجديد من النا ... س إذا كنت تطرح الخلقانا

فوجه أبو سفيان الجارية التي كان اشترى.

جاءت هند في الأحزاب يوم أحد، وكانت نذرت لئن قدرت على حمزة بن عبد المطلب لتأكلن من كبده، فلما كان حيث أصيب حمزة، ومثلوا بالقتلى، وجاؤوا بحزة من كبده، فأخذتها تمضغها لتأكلها، فلم تستطع أن تبتلعها، فلفظتها، فبلغ ذلك رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: " إن الله قد حرم على النار أن تذوق لحم حمزة شيئاً أبداً ". قال محمد الراوي: وهذه شديدة على هذه المسكينة.

وعن ابن مسعود قال: قال أبو سفيان يوم أحد: قد كانت في القوم مثلة، وإن كانت عن غير ملأ مني، ما أمرت، ولا نهيت، ولا أحببت، ولا كرهت، ولا أساءني، ولا سرني، قال: فنظروا فإذا خمزة قد بقر بطنه، وأخذت هند كبده، فلاكتها، فلم تستطع أن تأكلها، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أأكلت منها شيئاً؟ قالوا: لا، قال: ما كان الله ليدخل شيئاً من حمزة النار.

<<  <  ج: ص:  >  >>