للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فنظره حمديس نظرة منكرة. وقال: ما يحسن أن تقول مثل هذا، إلا كما قال محمد بن كعب القرظي، لعمر بن الخطاب رضي الله عنهما. لا يغرّنك حسن ثناء المادحين، ولن ينفعك ما قالوا فيك. إذا لم يكن ذلك فيك. وأنت أعلم بنفسك من مقال القائلين. فإن يكن فيك ما قالوا، فلا يضرّك لو سكتوا، وإن لم يكن فيك لم ينفعك ما قالوا. ثم قال للرائي: نامت عينك انصرف إذا شئت. قال حمديس: أحضرني الأمير ابراهيم بن أحمد، مع يحيى بن عمر، فأقمنا عنده الى الليل، وأصابنا مطر، ثم أمرنا بالإنصراف. فخرجنا في ظلمة، ومطر، ما نهتدي أين نمضي. إذ سمعت صوتاً ينادي حمديس، ويحيى بن عمر، فعدل بنا الى دار، فدق دقاً عنيفاً. ففتح. فإذا هي دار ولد أبي العباس الأمير. فقال له: يأمرك الأمير أن يبيت عندك الشيخان الليلة.

فدخل بنا الى بيت من الدار، وأتي لنا بشمعة. فقلت للخادم إن رأيت أن تنحي عنا هذه الشمعة، فافعل. فقال: إنما فعلته إكراماً لكما. فنحاها. فلما - فراغ - يحيى بن عمر. فنام على فراش البيت. فلما كان بالغداة أرسل إلينا أبو العباس، لا تصلوا حتى أصلي معكما. فخرجت الى الطريق، فتوضأت من الماء المستنقع فيه. ثم خرج، وجعل يسألني عن أشياء. فقلت: ما شئت أن تسأل عنه من شيء. فعليك بالشيخ يعني ابن عمر. فإنك تجد عنده ما تريد. فسأل عن أشياء. ثم صلى بنا، يحيى بن عمر. وجاء رسول الأمير ابراهيم، يستدعينا، فدخلنا عليه، وطال المجلس في المذاكرة. فقال لي: من أين عيشك؟ وفي كم أنت من العيال؟

<<  <  ج: ص:  >  >>