للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو القاسم: وكان أبو إسحاق، حسن الضبط في نقله، وتصحيحه الكتب. إذا سمع من عالم لم يكتب اسمه في كتابه. وكان ممن سمع، وسكت. وكان حافظاً إذا حفظ شيئاً، قلّ ما ينساه. وكان درس من الفقه دواوين، وكتب بيده كتباً كثيرة. وكان من أعلم الناس باختلاف العلماء، عالماً بعبارة الرؤيا، ولا يفتي فيها. ويعرف حظاً من اللغة العربية، حسن القراءة للقرآن، يحسن تفسيره، وإعرابه وناسخه ومنسوخه. لم يدرك حظه من دراسة العلم بالليل، إلا عند ضعفه قبل موته بقليل. وكان لما ضعف بصره، عن قراءة الليل، فجعل ابنه أبا الطاهر، يقرأ عليه. قال أبو القاسم: وكان لا يفتي، إلا أن يسمع من يتكلم بما لا يجوز، فيرد علي. أو يرى فتى يخطئ في صلاته، فيرد عليه. ولقد وقف على مسائل، أفتى فيها جلّة العلماء. فقال لهم: عاودوا الفتيا. فما أراه أجاب إلا عن شغل، فعادوا، فأجابوا بخلاف الجواب الأول. وكان يقرأ، فلما ضعف جعل ابنه يقرأ عليه. فإذا حضر أحد من العامة، قطع القراءة، حذراً عليهم أن يسمعوا ما لا يفهمون، إلا أن يكون كتاب فقه. وكان أبو الحسن القابسي يقول: الجبنياني إمام يقتدى به. وكان أبو محمد بن أبي زيد، رحمه الله، يعظّم من شأنه. ويقول: طريق أبي إسحاق، خالية لا يسلكها أحد في الوقت. ويقول: لئن لم يكن أمر أَوَيْس القرني صحيحاً، فالجبنياني أويس هذه الأمة. ويقول: لو فاخرنا بنو إسرائيل بعبادها، لفاخرناهم بالجبنياني. ويقول: من محبتي فيه، وكثرة ذكري له، إني أراه في المنام. ولقد

<<  <  ج: ص:  >  >>