للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العقل، على دابة تبكي. فقلت: والله ما بكيت إلا لوجهين، أحدهما انقطاعي عن زيارتك، والآخر جهادي بها عن بنيات لي. فدعا لي دعاء كثيراً، ونحن نؤمّن على دعائه، ونبكي. وذلك نصف النهار، فانصرفت. فلما كان بعد ذلك بليلتين أو ثلاث، قرع على الباب. وقيل لي: أخرج خذ دابتك، فخرجت، فإذا بدابتي مع ثلاثة رجال. فسألوني أن أجعلهم في حلّ، وقالوا: ما قصدنا دارك ولكن غلطنا. فقلت لهم:

لابد لكم أن تخبروني بقصّتكم، فقالوا: ذهبنا بدابتك فنحن في الضحى، نصف النهار، إذ بصوت يقول: الى أين تذهبون، يا فسقة بداية الجبنياني؟ فنظرنا فلم نرَ شيئاً. ثم مشينا، فسمعنا بالصوت ثانية، فألقي في قلوبنا الرعب. فرجعنا حتى أتينا الليلة دار الجبنياني، فقرعنا عليه الباب، فقلنا له: خذ حمارتك واستغفر لنا، فقد فعلنا فيك ما لا يحل. فقال: أنتم يا مساكين، ابتليتم بهذه الدابة؟ قلنا: نعم، وأخبرناه. فقال: أنتم على طهارة؟ قلنا: لا. فأخرج لنا قلة وقدحاً وحبلاً. فاستقينا من بئر، واغتسلنا، ثم أتيناه فصلّينا وراءه ركعتين. وسأل الله لنا في التوبة. ثم قال: وصّلوا الدابة الى صاحبها. فجئناك بها. وكان أبو إسحاق، قلما يتغير على أحد فيفلح. قال لإنسان لاحه في شيء أنكره على آخر، لجهره في صلاة نافلة النهار. وقال له: يا هذا إن مالكاً، استحب فيها الإسرار. سيما في المسجد، لما يخلط على الناس. فقال الرجل: قد جهر في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، عمر بن عبد العزيز. فقال له أبو إسحاق: كان ذلك بالليل، وقد عاب عليه ذلك سعيد بن المسيّب. فقال له الرجل: تقول، سعيد حجة؟ فقال الشيخ: يا متعوس. أمام دار الهجرة، وشيخ التابعين، تقول هذا فيه؟ ما أراك تفلح والله، ما أراك تموت على الإسلام. ومات معتزلياً بعد ذلك. وقال له أبو سعيد ابن أبي عباس: سألتك بالله، يا أبا إسحاق أجبني عما أسألك عنه، فقال له: ما هذا يا أبا سعيد؟ إن سألتني عما أعلم أجبتك. فقال له: هل اجتمعت بالخضر عليه السلام، أم لا؟ فسكت منكراً. ثم رفع رأسه فقال: أعوذ بالله أن أدعي ما ليس ي بحق، يمرّ بي هاهنا أقوام يسلّمون عليّ بالليل، لا أدري أجنّ هم أم أنس. قال اللبيدي: أخبرت الشيخ أبا الحسن بهذه الحكاية. فقال هذا جواب عالم. لم ينكر ولا أقر. هي جيّدة. وقيل لزوجته، هل رأيت من أمره شيئاً تخبرين به؟ فسكتت وأبت من القول. فلما مات، سئلت، فقالت: إني في ليلة ظلماء حتى رأيت نوراً أغشى الحجرة، وموضع الشيخ. واسمع الحديث، فرعبت. وأقام ذلك مدة. فأحس بي أني يقظانة. فقال لي: احذري أن تذكري ما رأيت، ما دمت حياً. لكم أن تخبروني بقصّتكم، فقالوا: ذهبنا بدابتك فنحن في الضحى، نصف النهار، إذ بصوت يقول: الى أين تذهبون، يا فسقة بداية الجبنياني؟ فنظرنا فلم نرَ شيئاً. ثم مشينا، فسمعنا بالصوت ثانية، فألقي في قلوبنا الرعب. فرجعنا حتى أتينا الليلة دار الجبنياني، فقرعنا عليه الباب، فقلنا له: خذ حمارتك واستغفر لنا، فقد فعلنا فيك ما لا يحل. فقال: أنتم يا مساكين، ابتليتم بهذه الدابة؟ قلنا: نعم، وأخبرناه. فقال: أنتم على طهارة؟ قلنا: لا. فأخرج لنا قلة وقدحاً وحبلاً. فاستقينا من بئر، واغتسلنا، ثم أتيناه فصلّينا وراءه ركعتين. وسأل الله لنا في التوبة. ثم قال: وصّلوا الدابة الى صاحبها. فجئناك بها. وكان أبو إسحاق، قلما يتغير على أحد فيفلح. قال لإنسان لاحه في شيء أنكره على آخر، لجهره في صلاة نافلة النهار. وقال له: يا هذا إن مالكاً، استحب فيها الإسرار. سيما في المسجد، لما يخلط على الناس. فقال الرجل: قد جهر في مسجد رسول الله صلى

<<  <  ج: ص:  >  >>