للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الشاهد: «ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله طرفي النهار بكرة وعشية - فابتنى مسجدا بفناء داره» .

وجه الدلالة:

حيث أن أبا بكر بنى مسجدا في جانب الطريق، لا يضر بأحد، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد اطلع عليه وأقره؛ فدل ذلك على جوازه؛ إذ لا ضرر على الناس منه. وقيل: لا يجوز بناء مسجد في الطريق، وقيل: إن بناه لنفسه فلا يجوز، وإن بناه للناس جاز (١) . قلت: إن بناه لنفسه لصلاة النوافل أو للناس ولا ضرر على أحد منه جاز؛ لأنه لا يبنيه للتملك، وإنما يبنيه للصلاة، والصلاة في الطريق جائزة.

والدليل على هذا: عن إبراهيم بن يزيد التيمي (٢) قال: «كنت أقرأ القرآن على أبي في السدة (٣) فإذا قرأت السجدة سجد، فقلت له: يا أبت: أتسجد في الطريق؟ قال: إني سمعت أبا ذر يقول: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أول مسجد وضع في الأرض، قال: " المسجد الحرام ". قلت: ثم أي؟ قال: " المسجد الأقصى، ثم الأرض


(١) انظر: المجموع شرح المهذب تكملة المطيعي ـ رحمه الله ـ (١٧ / ٣٨٤) ، وكشاف القناع للبهوتي (٢ / ٣٦٨) .
(٢) هو إبراهيم بن يزيد التيمي: تيم الرباب أبو أسماء، حدث عن أبيه يزيد بن شريك، وعن أنس بن مالك، وعمرو بن ميمون، وجماعة، وأرسل عن عائشة. وحدث عنه الأعمش، وبيّان بن بشر، وغيرهما، وكان شابًا صالحًا قانتًا لله، فقيهًا كبير القدر واعظًا، يقال: قتله الحجاج، وقيل: بل مات في حبسه سنة ٩٢ ولم يبلغ أربعين سنة.
انظر: سير أعلام النبلاء (٥ / ٦٠) ، وطبقات ابن سعد (٦ / ٢٨٥) ، وتهذيب التهذيب (١ / ١٧٦) .
(٣) السدة بالضم: باب الدار، وقيل: أمام باب الدار. والسدة في كلام العرب: الفناء، وقيل: كالصفة تكون بين يدي البيت، والظلة تكون بباب الدار، وسدة المسجد الأعظم ما حوله من الرواق. / انظر: لسان العرب (٣ / ١٩٧٠) ، ومختار الصحاح (ص٢٩١) ، ومعجم مقاييس اللغة (٣ / ٦٦) .

<<  <   >  >>