للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.....................................................................................


= فعليه القتل. قال: وأرى أن يقتل، ولا يستتاب. وقال عبد الله: سألت أبي عمن شتم النبيّ عليه الصّلاة والسّلام يستتاب؟ قال: قد وجب عليه القتل، ولا يستتاب، خالد بن الوليد قتل رجلا شتم النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ولم يستتبه. هذا مع نصه أنه مرتد إن كان مسلماً، وأنه قد نقض العهد إن كان ذمياً، وأطلق في سائر أجوبته أنه يقتل، ولم يأمر فيه باستتابة، هذا مع أنه لا يختلف نصه ومذهبه: أن المرتد المجرد يستتاب ثلاثاً. الصارم المسلول ٣٠٠.
وكذا انظر: مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله ٤٣١، رقم ١٥٥٧، وذكر الخلال روايات بهذا المعنى في [] [] أحكام أهل الملل ص١١٤-١١٥.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في موضع آخر: وحكى آخرون من أصحابنا رواية عن الإمام أحمد أن المسلم تقبل توبته من السب، بأن يسلم، ويرجع عن السب، كذلك ذكر أبو الخطاب في "الهداية" ومن احتذى حذوه من متأخري أصحابنا في ساب الله ورسوله من المسلمين: هل تقبل توبته أم يقتل بكل حال؟ روايتان:
فقد تلخص أن أصحابنا حكوا في الساب إذا تاب ثلاث روايات:
إحداهن: يقتل بكل حال، وهي التي نصروها كلهم، ودل عليها كلام الإمام أحمد في نفس هذه المسألة، وأكثر محققيهم لم يذكروا سواها.
والثانية: تقبل توبته مطلقاً.
والثالثة: تقبل توبة الكافر، ولا تقبل توبة المسلم، وتوبة الذمي التي تقبل إذا قلنا بها أن يسلم، فأما إذا أقلع، وطلب عقد الذمة له ثانياً لم يعصم ذلك دمه، رواية واحدة.
[] الصارم المسلول ص٣٠٦، وكذا انظر: الهداية للكلوذاني ٢/١١٠، والمحرر ٢/١٦٨، والإنصاف ١٠/٣٣٢-٣٣٣.
وقال ابن المنذر: وأجمعوا على أن من سبّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أن له القتل. الإجماع ص١٢٢.
روى ابن عبّاس أن أعمى كانت له أم ولد تشتم النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وتقع فيه فينهاها فلا تنتهي، ويزجرها فلا تنزجر، قال: فلما كانت ذات ليلة جعلت تقع في النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وتشتمه، فأخذ المغول فوضعه في بطنها، واتكأ عليها فقتلها، فوقع بين رجليها طفل، فلطخت ما هناك بالدمّ، فلما أصبح ذكر ذلك لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم فجمع الناس فقال: "أنشد الله رجلاً فعل ما فعل لي عليه حق إلاّ قام" فقام الأعمى يتخطى الناس، وهو يتزلزل حتى قعد بين يدي النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله، أنا صاحبها كانت تشتمك، وتقع فيك، فأنهاها فلا تنتهي، وأزجرها فلا تنزجر، ولي منها ابنان مثل اللؤلؤتين، وكانت بي رفيقة، فلما كان البارحة جعلت تشتمك، وتقع فيك، فأخذت المغول فوضعته في بطنها، واتكأت عليها حتى قتلتها، فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: "ألا اشهدوا أن دمها هدر".

[] رواه أبو داود في سننه في الحدود، باب الحكم فيمن سن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ٤/٥٢٨-٥٢٩، رقم [٤٣٦١،] والنسائي في سننه في تحريم الدمّ، باب الحكم فيمن سبّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ٧/١٠٧-١٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>