للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال إسحاق: كما قال، إذا احتيج إليه، فأمّا ١ ما وجد عنه مندوحة، فلا.

[[٢٨٤٢-] قلت: سئل عن الجبن إذا اشتراه؟]

قال: لا. ٢


١ في العمرية بلفظ "وأمّا".
٢ للإمام أحمد رحمه الله في الجبن الذي صنعه المجوس، أو المعمول من أنفحة الميتة، روايتان:
إحداهما: أنّه يحلّ هذا الجبن، لأنّ أنفحة الميتة طاهرة على هذا القول، ولأنّ الأنفحة لا تموت بموت البهيمة، وملاقاة الوعاء النجس في الباطن لا ينجس، كما قال تعالى: {نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خَالِصاً سَائِغاً لِلشَّارِبِينَ} سورة النحل، آية رقم: ٦٦.
ولهذا: يجوز حمل الصبي الصغير في الصلاة، مع ما في بطنه.
والثانية: أنّ هذا الجبن نجس، لأنّ الأنفحة نجسة، ومن لا تؤكل ذبيحته، فذبيحته كالميتة، وسبب اختلاف الرواية عن الإمام أحمد رحمه الله، اختلاف الآثار عن الصحابة رضوان الله عليهم، ومن بعدهم من التابعين.
انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية ٢١/١٠٢، وما بعدها، ٣٥/١٥٤، وما بعدها.
وقد يقال إنّها ليست طاهرة، ولكنها يسيرة مستهلكة في الجبن، وجرت العادة أن يعفى عن اليسير في الشريعة، وبخاصة إذا استهلك كالحال في النجاسة التي تخالط الماء الكثير.
وسئل الإمام أحمد عن الجبن الذي يصنعه المجوس، فقال: ما أدري إلاّ أنّ أصحّ حديث فيه حديث الأعمش، عن أبي وائل، عن عمرو بن شرحبيل قال: سئل عمر عن الجبن، وقيل له يعمل فيه الأنفحة الميتة، فقال: "سمّوا أنتم وكلوا".
انظر: المغني ٨/٦١٢، ومصنّف عبد الرزّاق ٤/٥٣٨، ومطالب أولي النهى ٦/٣٢٥.
والقول بجواز أكل الجبن المعمول بأنفحة الميتة، والذي مال إليه الإمام أحمد رحمه الله، رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فقال: "والأظهر أنّ جبنهم حلال، وأنّ أنفحة الميتة ولبنها طاهر، وذلك لأنّ الصحابة لما فتحوا بلاد العراق أكلوا جبن المجوس، وكان هذا شائعاً بينهم، وما ينقل عن بعضهم من كراهة ذلك ففيه نظر. فإنّه من نقل بعض الحجازيين، وأهل العراق كانوا أعلم بهذا، فإنّ المجوس كانوا ببلادهم، ولم يكونوا بأرض الحجاز. ويدلّ على ذلك: أنّ سلمان الفارسي كان نائب عمر بن الخطاب على المدائن، وكان يدعو الفرس إلى الإسلام، وقد ثبت عنه: أنّه سئل عن شيء من السمن والجبن والفراء فقال: "الحلال ما أحلّه الله في كتابه، والحرام ما حرّم الله في كتابه، وما سكت عنه، فهو ممّا عفي عنه".
ومعلوم أنّه لم يكن السؤال عن جبن المسلمين، وأهل الكتاب، فإنّ هذا أمر بيّن، وإنّما كان السؤال عن جبن [] [] المجوس، فدلّ ذلك على أنّ سلمان يفتي بحلّها. مجموع فتاوى ابن تيمية ٢١/١٠٣-١٠٤.
وروي الإباحة في أكل الجبن عن عمر بن الخطّاب، وعلي بن أبي طالب، وعائشة، وأمّ سلمة، وسلمان الفارسي رضي الله عنهم.
انظر المجموع ٩/٦٩، ومصنف عبد الرزّاق ٤/٥٣٨ وما بعدها.
وروي عن ابن مسعود رضي الله عنه قوله: "كلوا من الجبن ما صنعه المسلمون وأهل الكتاب". وعن ابن عمر رضي

<<  <  ج: ص:  >  >>